5 دقائق

الرطينة

عبدالله القمزي

«الرطينة» هي الكلام غير المفهوم، وفي المعجم الوسيط: «تراطنا» أو «كلمه بالرطانة»، أي تخاطبا بالكلام الأعجمي الذي لا يفهمه الجمهور. والأعجمي جاءت في القرآن الكريم، وهي لغةً أي جنس غير العرب.

مناسبة الحديث أن شريحة من المواطنين والمقيمين العرب، يتحدثون مع أبنائهم باللغة الإنجليزية في المنزل أو طوال الوقت، وهؤلاء ثلاث مجموعات:

الأولى نشأت على الإنجليزية، وترى أنها الخيار الأنسب للأبناء، وأن العربية لا مستقبل لها، وبرهانهم أن التعليم بالإنجليزية والتوظيف يشترطها، ولا أحد يسأل عن العربية.

الثانية عكس الأولى، هؤلاء مصابون بعقدة عدم إتقانهم الإنجليزية، ويريدون أبناءهم أن يتمكنوا منها، كي لا يكرروا خطأ آبائهم.

الثالثة وجهة نظرها أن الإنجليزية أهم من العربية، وهذه الأخيرة سيتعلمها الأطفال مع الوقت، ويتقنونها لاحقاً، وهم يكبرون.

وأنا أقول بكل ثقة إن وجهات النظر الثلاث كلها خطأ.

ليس من التحضر في شيء أن نرطن بلغة أجنبية مع أولادنا، بالعكس، هذا يعد ضعف تربية، وانعداماً للهوية والثقافة.

لو نظرنا إلى اللغتين فسنجد أن الإنجليزية هي اللغة الأسهل. العربية لغة صعبة حتى لو كانت اللغة الأجمل في العالم، ولو سألنا العرب أنفسهم فلن ينكروا ذلك.

يتمتع الطفل بعقل نظيف، ليس كعقولنا نحن الكبار المنشغلة بهموم الحياة. الطفل مخلوق سريع التعلم، وهذه وظيفته الوحيدة في الـ20 عاماً الأولى من حياته، فإذا كان عقله نظيفاً فهو جاهز لتلقي اللغة العربية، أي الأصعب وسيتعلمها بسهولة.

اللغة الإنجليزية سهلة جداً، وهي التي يمكن التقاطها لاحقاً في الحياة، سواء في سن الخامسة أو ما بعد ذلك، بشرط تعلمها من خلال منهج ممتاز، ليتمكن الطالب منها في خمسة أعوام، حالها حال أي لغة أجنبية، فلو واظب شخص على تعلم لغة أجنبية بالمهارات الأربع، فإنه سيتمكن منها في خمسة أعوام.

لكن الأفضل بالطبع، وهذا رأيي، تعليم اللغتين معاً في سن الخامسة، وبالمستوى نفسه، وعدم تقديم لغة على أخرى. فلو بدّيت الإنجليزية فسيتعقد طفلك عندما يلتقي أقرانه العرب، وسيشعر بالتهميش، لأنه لا يفهمهم، وعندما يكبر سيتجنب حضور المناسبات الاجتماعية.

موقف

ما نراه اليوم عادياً هو في الثقافات الأخرى قلة احترام. فلا يوجد إنجليزي يستخدم الفرنسية مع لغته عند التحدث مع مواطنه. ولا يوجد فرنسي يخلط لغته مع الإنجليزية عند الحديث مع مواطنه. فذلك عندهم من انعدام الذوق، فما بال بعضنا يفضل الرطينة على لغتنا الأجمل؟!

• الطفل مخلوق سريع التعلم، وهذه وظيفته الوحيدة في الـ20 عاماً الأولى من حياته.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر