5 دقائق

شهر الصوم.. شهر التغيير

محمد سالم آل علي

يتصوّر كثير من الناس أن شهر رمضان الكريم هو واحد من أصعب الأشهر فيما يتعلق بممارسة التمارين الرياضية، والحفاظ على الجسم الرشيق، إلا أن هذا الاعتقاد بعيد كل البعد عن الصحة والصواب، فشهر رمضان في الواقع يقدم فرصة استثنائية للبدء بنمط حياة متوازن وصحيّ، يعزّزه الانضباط الذاتي، وتحكمه الإدارة المُثلى للعادات الغذائية.

حيث إن تغير مواعيد النوم والغذاء في هذا الشهر، جنباً إلى جنب مع نشاط الجسم البدني تُعدّ عواملَ بيّنة التأثير في مختلف الجوانب الصحية للصائم، فمعدل الصوم يراوح بين 14 و15 ساعة، يدخل الجسم فيها في حالة من تخزين الطاقة في ساعات الإفطار، ومن ثم توفيرها في ساعات الصوم، وإذا اختل أي طرف من طرفي هذه المعادلة، فإن النتائج ستكون لها تداعياتها على صحة الصائم، وعلى عملياته البيولوجية، والتغيرات هنا كثيرة ومتعددة، فمنها من ناحية الوزن، ومنها ما يتعلق بالصحة والمناعة.

وبالطبع يتفق الجميع من باحثين وأطباء على أن النظام الغذائي المتوازن، إلى جانب النشاطات الرياضية المعتدلة، يقدمان الحل الناجع لتلك المعادلة، والسبيل الأهم للبقاء بصحة جيدة، قوامها التوازن ما بين الجهد المبذول والغذاء السليم.

فبالنسبة للشق المتعلق بالرياضة، يُنصح بتقليل مستوى التمارين الشاقة وعالية الإجهاد، والتي قد تؤدي إلى الجفاف والإرهاق.

وإجراء التمارين يجب أن يكون في وقت يمكن فيه تجديد مخزون مياه الجسم بأسرع ما يمكن، ساعة إلى ساعتين قبل الإفطار.

أما الشق الثاني فهو معضلة الأكثرين، وهو الذي يتعلق بالنظام الغذائي الأمثل، الذي يتناسب مع شهر الصوم، والحلول هنا بسيطة وسهلة التحقيق، فنهار رمضان يمتد من الفجر حتى الغروب، تليه فرصة لاستعادة الطاقة وتعويض الاحتياجات، عبر وجبتي الإفطار والسحور، واتباع نظام غذائي متوازن في هاتين الوجبتين، تتخلله كميات كافية من العناصر الغذائية والمياه، هو أمر حيوي كفيل بتخزين الطاقة، ومن ثم إطلاقها تدريجياً خلال ساعات الصيام.

وللحديث أكثر لابد لنا أولاً من أن نبدأ بالإفطار، وهو الوجبة الأهم في اليوم، حيث يُفضّل أن يبدأ بشرب الماء، ثم ببضع تمرات، بعد ذلك تأتي المكونات الرئيسة كاللحوم والأسماك والدواجن، إضافة إلى الأرز والخبز ومنتجات الحبوب الأخرى، مع مراعاة الابتعاد عن الدهون والسكريات، والاستعاضة عنها بالخضار والفواكه الغنية بالعناصر الغذائية.

أما السحور فيجب أن يكون من الأطعمة الغنية بالألياف، فهي بطيئة الهضم، وتوفر الطاقة لساعات عدة، كما يجب الابتعاد عن الأطعمة التي تُشعر بالعطش كالملح، وتلك المشروبات التي تحتوي على الكافيين؛ لأنها تعتبر بمثابة مدرّات للبول، تُفقد الجسم الماء بشكل سريع، وتمنعه من امتصاص العناصر الغذائية، ولعل الأهم في كلا الوجبتين هو الاعتدال والتوازن، وعدم الإفراط والإسراف.

إن شهر رمضان الكريم هو فرصة سانحة أمام الجميع لإجراء تغييرات في عاداتهم وأنماط حياتهم، ليس فقط فيما يتعلق بالطعام الصحي والنشاط البدني، وإنما تمتد إلى الجوانب النفسية والاجتماعية أيضاً، فتعديل ترتيبات صغيرة في الحياة يؤدي إلى تغييرات دائمة في المستقبل، تغييرات عنوانها الأبرز هو صحة أفضل وسعادة أكبر، أو كما قال عليه الصلاة والسلام «صوموا تصحّوا».

• مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر