5 دقائق

تغيّر المناخ وندرة المياه

الدكتور علاء جراد

في أغسطس 2021 أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ (IPCC)، التابعة للأمم المتحدة، تقرير التقييم السادس الخاص بتغيّر المناخ، الذي وصفه الأمين العام، أنطونيو غوتيريس، بأنه «إنذار أحمر للبشرية». يقدم هذا التقرير ملخصاً يساعدنا على فهم حالة المناخ الحالية، بما في ذلك كيفية تغيّره ودور التأثير البشري ومستوى الوعي حول مستقبل المناخ المحتمل. يوضح التقرير أن التأثير البشري أدى إلى تسخين الغلاف الجوي والمحيطات والأرض بمعدل لم يسبق له مثيل في 2000 عام على الأقل، وكان كل عقد من العقود الأربعة الماضية أكثر تسخيناً من أي عقد سبقه منذ عام 1850، ووصلت درجات حرارة سطح الأرض إلى مستويات لم نشهدها منذ 100 ألف عام.

في عام 2019، كانت تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى من أي وقت مضى، خلال مليوني عام على الأقل، ومن المحتمل أن يؤدي تغيّر المناخ إلى زيادة حدوث الأعاصير المدارية. إن إحدى أهم المشكلات الناجمة عن تغيّر المناخ بفعل البشر - خصوصاً في الدول الصناعية الكبرى - هي مشكلة المياه، التي هي الحياة بمعنى الكلمة، فالقلق الكبير هو ندرة المياه، على الرغم من غزارة الأمطار في بعض مناطق العالم، ولكن هناك مناطق أخرى ستشهد ندرة للمياه، ومع ذلك مازلنا نتعامل مع المياه كأن وجودها دائم وأمر مسلم به. فربما بفضل البنية التحتية ومستويات الرفاهية، التي يعيشها الكثير من البشر، نستهلك كميات كبيرة من المياه النظيفة دون تفكير أو ترشيد للاستهلاك، في حين أنه يتعين علينا التفكير كثيراً في هذا المورد الثمين، واتخاذ خطوات جادة للحفاظ عليه.

إن تغيّر المناخ ينتج عنه فوضى في إمدادات المياه، وبالكاد يمر يوم دون ورود تقارير مثيرة للقلق عن معاناة بعض الأماكن من الجفاف الممتد، ما يضطر الناس إلى الحفر بعمق أكبر بحثاً عن المياه، أو الانتقال للعيش في أماكن أخرى، وفي الوقت نفسه تتراجع الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم، ما يهدد إمدادات المياه لمليارات الأشخاص الذين يعتمدون على الإطلاق التدريجي للمياه الذائبة، فالذوبان السريع للأنهار الجليدية يؤدي إلى تقليل التغطية الجليدية للقطب الشمالي وجرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، وإطلاق كميات هائلة من المياه العذبة في المحيطات، فترتفع مستويات سطح البحر، ما يشكل تهديداً وجودياً للجزر والبلدان المنخفضة، مثل: بنغلاديش وسيشل والمالديف وكريباتي، وما يقرب من 40% من سكان الولايات المتحدة الذين يعيشون في مناطق ساحلية عالية الكثافة.

ماذا يتعين علينا أن نفعل؟ لا أعلم إجابة شافية، ولكن أهم ما يجب فعله الآن هو أن نطّلع ونفهم أبعاد الموضوع، وكيف سيؤثر فينا وما دور الأفراد والمؤسسات وواضعي السياسات؟ وما دور الإعلام ومؤسسات المجتمع؟ ما هي أجندة الدوائر الحكومية وشركات القطاع الخاص؟ يجب أن نبدأ بفهم أبعاد القضية ومعرفة دورنا، ولعلها فرصة ذهبية للمنطقة بأكملها انعقاد مؤتمر الأطراف والخاص بالتغيّر المناخي في مصر بنهاية 2022، ويلي ذلك في دولة الإمارات عام 2023.

• وصلت درجات حرارة سطح الأرض إلى مستويات لم نشهدها منذ 100 ألف عام.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر