5 دقائق

جودة التعليم ما قبل الجامعي

الدكتور علاء جراد

أشكر القراء الأعزاء الذين أرسلوا تعليقاتهم حول مقال الأسبوع الماضي، وأتفق معهم حول أهمية التعليم ما قبل الجامعي كرافد للتعليم الجامعي، فلا شك أنه لا يمكن إغفال جودة المدخلات (خريجو المدارس) كمكون أساسي في جودة المخرجات (خريجو الجامعات). في الوقت الحالي يعتبر المجموع هو المقياس الأوحد للالتحاق بمعظم الكليات، باستثناء الكليات العسكرية وكليات مثل الفنون الجميلة والتربية الرياضية، حيث تتطلب مجموعة من الاختبارات القبلية، ولكن أغلبية الكليات خصوصاً الحكومية تقبل جميع من حصل على العلامات المطلوبة، وبالنسبة لمؤسسات التعليم الخاصة يضاف إلى العلامات الإمكانات المالية، وفي بعض الدول العربية تفوق الرسوم الدراسية رسوم الكثير من جامعات أوروبا والولايات المتحدة.

إن نظام التعليم الفعّال هو النظام الدامج الذي يتسع لكل الفئات والقدرات المختلفة، ويراعي الفروق الفردية، وينوّع من طرق وأساليب وسرعة التعلم، فلكل سرعته في التعلم والأسلوب الأمثل له، فالبعض يتعلم أسرع عن طريق القراءة، والبعض عن طريق السمع، أو عن طريق المشاهدة والملاحظة، وهناك فئة أخرى تتعلم عن طريق اللمس والعمل بالأيدي (وفقاً لنموذج VARK) فهل يتم تدريب كل معلمي التعليم ما قبل الجامعي على طرق التعلم؟ وهل هناك مواءمة بين المناهج الدراسية والمصادر التعليمية وبين أساليب التعلم؟ هل المدرسة قادرة على اكتشاف المواهب في الوقت المناسب؟ وهل هناك مسارات للمواهب المختلفة؟ فمثلاً في إحدى المدارس الابتدائية الحكومية في إنجلترا لاحظ مدرس التربية الرياضية مهارة طفل في الجري، كان هذا الطفل لأبوين لاجئين من إحدى الدول الإفريقية، تنبأ المعلم بأنه يمكن أن يكون تلميذه مميزاً في هذه الرياضة، فتم وضعه في المسار الصحيح، وفي غضون سنوات قليلة أصبح هذا الطفل بطلاً أولمبياً يحرز الميداليات الذهبية لإنجلترا، إنه العداء العالمي «السير» محمد فرح، الذي تم تكريمه من الملكة إليزابيث وحصل على لقب فارس.

إن تأهيل المعلمين هو حجر الزاوية في نهضة التعليم ما قبل الجامعي، ولابد من تأهيلهم النفسي والثقافي والعلمي، فما يتم تدريسه في كليات التربية حالياً لا يكفي لتخريج معلمين على المستوى المطلوب، أو لتحقيق الآمال المرجوة، ولابد من التدريب المستمر والتبادل الثقافي والعلمي، كما لابد من دعم برامج القيادة المدرسية، وتأهيل مديري المدارس إدارياً حتى يتمكنوا من إدارة المنظومة التعليمية بفعالية وكفاءة، ولابد بالطبع من أن يكون العائد المالي مجزياً ويليق بمكانة المعلم حتى لا يضطر للجري وراء الدروس الخصوصية، ربما يكون هناك تطبيق جزئي لتلك الممارسات، ولكنه غير مكتمل الأركان وبحاجة إلى مزيد من التعميم والفعالية.

وعلى القدر نفسه من الأهمية تأتي البنية التحتية، فمن دونها لن تتحقق الأهداف الاستراتيجية لجودة التعليم، فلابد من توفير مقاعد مريحة وكثافة مقبولة في الصفوف الدراسية، ولابد من مختبرات حقيقية، ومرافق للأنشطة والترفيه، ولابد أيضاً من محتوى عصري مدروس يتم استخدام أساليب تربوية حديثة في إيصاله للطلاب، الحلول متاحة ولكن متى نأخذ الموضوع على محمل الجد؟ لندرس تجربة رونالد ريجان عام 1983 والتقرير الأشهر «أمة في خطر»، الذي غير مسار النظام التعليمي في الولايات المتحدة الأميركية.

• نظام التعليم الفعّال هو النظام الدامج الذي يتسع لكل الفئات والقدرات المختلفة.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر