5 دقائق

قاعدة الـ 10%

الدكتور علاء جراد

يعتبر العمل بالتدريس، خصوصاً في الجامعات فرصة كبيرة للتعلم، فبقدر ما يتعلم الطلاب يمكن للمعلمين أيضاً أن يتعلموا الكثير من طلابهم، خصوصاً إذا اقترن التعلم بالتفكر والربط مع الخبرات والتجارب السابقة. أتيحت لي الفرصة للقاء أحد طلابي الذي أنهى لتوه درجة الماجستير في التحول الرقمي، وهو برنامج جديد افتتحته الجامعة التي أعمل بها العام الماضي، وكان الحوار مع «سهيل سرور» بنّاءً بالفعل، ذلك الطالب الذي جاء من باكستان ليدرس في بريطانيا مسلحاً بعمله وخبرته مع كبريات الشركات العالمية في مجال الاستشارات الرقمية، والحاصل على قائمة طويلة من الشهادات المهنية التخصصية التي تخوله العمل في كبريات الشركات، ولأنني المشرف على دراسته فقد عرفته عن قرب وأصبح بيننا تقارب فكري كبير، فتارة أكون أنا موجّهه وتارة يكون هو موجهي، خصوصاً في الأمور التقنية.

تطرق حوارنا إلى الشركات التي لا تتمكن من الوصول لأهدافها بالرغم من أنها تستثمر الكثير في الأنظمة الإدارية وفي الحصول على أحدث تكنولوجيا، وكانت وجهة نظره أن السبب في عدم الوصول لما يجب أن تصل إليه تلك الشركات هو إغفالها الـ10%، بعد أن استثمرت كل طاقتها في الـ90%، وطلبت منه التوضيح أكثر فقال، إن بعض الشركات تستثمر في تكنولوجيا متقدمة يمكن أن تحقق لها الكثير من الإنجازات وتحسين الأداء، لكنها لا ترسل الموظفين المعنيين للتدرب على هذه التكنولوجيا، وبالتالي لا تستفيد من الطاقات والقدرات الهائلة في النظام الجديد، ومثال آخر أبسط من ذلك، وهو أن يقوم شخص أو شركة بإطلاق موقع إلكتروني به محتوى رائع جداً، بل بمثابة كنز، ولكنهم يكتفون بذلك ولا يستثمرون في إدراج الموقع على محركات البحث أو ما يسمى Search Engine Optimisation، وذكر لي الكثير من الحالات التي واجهته ويضيع فيها الجهد والموارد بسبب الوقوف عند الـ90%. تركته وأنا أفكر في كلامه وتذكرت حالات كثيرة من طلاب الدكتوراه الذين يعملون بجد واجتهاد طوال رحلة الدكتوراه، ولكن عند الفصل الأخير، والذي هو فرصتهم لذكر التوصيات، ويتم اختصاره وكتابته على عجل، حيث كان في إحدى الأطروحات أقل من خمس صفحات. تذكرت أيضاً زملاء كثيرين بدأوا مشروعات مهمة، ولكن قبل النهاية بخطوات بسيطة استسلموا وتوقفوا وضاع مجهودهم.

تذكرت المثل الشعبي المصري الذي يقول: «بيخرب الطبخة علشان بمليم ملح»، كأن يقوم أحدهم بإعداد أكلة رائعة، ولكن لا يرغب في شراء الملح، مع أنه رخيص الثمن، وبالتالي ضاع كل مجهوده بسبب ذلك المليم. لذلك من المهم لنا كأفراد ولصناع القرارات في مجال الأعمال الاهتمام بالـ10%، لأنها هي التي ستظهر أو تتوج الـ90% وإلا سيذهب المجهود كاملاً أدراج الرياح. كما يمكن تطبيق هذه القاعدة في العلاقات الاجتماعية والأسرية، بأن نتأكد دائماً من إكمال الـ10%، لقد لفت سهيل انتباهي لهذا الأمر وبلوره لي، وأعتقد أنني سأتذكر هذا الدرس لفترة طويلة، وقد أحببت أن أشارككم إياه.

• تذكرت المثل الشعبي المصري الذي يقول: «بيخرب الطبخة علشان بمليم ملح» كأن يقوم أحدهم بإعداد أكلة رائعة، ولكن لا يرغب في شراء الملح، مع أنه رخيص الثمن.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر