خارج الصندوق

مقارنة لا تليق بوضع السوق

إسماعيل الحمادي

انتشر خلال الفترات الأخيرة نوع من المقارنة في السوق العقارية، وغذّتها مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يشتد النقاش حول مقارنة أسعار الوحدات العقارية للسنة الجارية، مع الأعوام الماضية، وفي مقدمتها العام 2008، لكن اللافت في الأمر هو أنه سواء ارتفعت الأسعار أو تراجعت عن قيمتها في تلك السنة، فعلى أي أساس تتم المقارنة بين العامين 2008 و2021؟

مسيرة من الزمن، ومحفظة من الإنجازات، وسلسلة من التغييرات، والعالم بأسره تغيّر، فكيف لنا أن نقارن بين تلك السنة وهذه السنة في أسعار العقارات؟

من المجحف جداً مقارنة أسعار العقارات الحالية بالسنوات الماضية، لأن دبي تنتقل من سنة إلى أخرى، من مستوى إلى آخر، ومن إنجاز إلى آخر.. القوانين تغيرت والفرص تغيرت.. والعقارات نفسها تغيرت.

وفي السنوات الماضية، ربما كان يجد المستأجر في المنطقة من ثلاث إلى ست بنايات كأقصى حد مخصصة للإيجار، ما يضع الملاك في موقع السيطرة والتحكم في الأسعار، لكن اليوم نجد ما يزيد على 40 بناية في المنطقة الواحدة، ما يؤسس لمنافسة شديدة بين الملاك، وتنعكس آثارها على السعر.

والأمر نفسه ينطبق على عمليات الشراء والتملك، فخريطة دبي للتملك الحر حالياً غير تلك الخريطة التي كانت في عام 2008، إذ توسعت مناطق التملك الحر، وارتفع عدد المطورين الناشطين في القطاع العقاري، كما ارتفع عدد المشروعات في المنطقة الواحدة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن «خور دبي» في عام 2016 كان يضم ثلاثة أبراج فقط، أما اليوم فعدد الأبراج في هذه المنطقة تجاوز الـ36 برجاً.

كما أن المساحات تغيرت، فبين العامين 2015 و2016 مثلاً، شهدت معظم مشروعات التملك الحر تقلصاً في المساحات، رغبة من المطورين في رفع عدد الوحدات للبيع (فلا تستغرب إذا تغير سعر الشقة المكونة من غرفتين وصالة)، وكذلك الحال في التصاميم، فضلاً عن المساحات الخارجية والإطلالات والمرافق الخدمية التي شهدت تغيراً هي الأخرى.

طبيعة المشروعات في حد ذاتها تغيرت، وأصبح التركيز فيها على أسلوب الحياة وجودتها، وتبني مبدأ الإستدامة، وتعزيز المناطق الخضراء، والمساحات المائية.

التغيرات كثيرة، والمستجدات العالمية متسارعة، وإذا أردت أن تقارن بين أسعار الماضي والحاضر فقط، فضع في حسبانك جميع هذه المتغيرات، وبدلاً من المقارنة، فإن على الجميع دعم الأرقام الجديدة للسنوات المقبلة، ليصبح عام 2022 رقماً يقود أرقاماً، وسلسلة نجاحات دبي حتى اليوم.

طيلة كل السنوات الماضية، كانت دبي تنافس نفسها بنفسها، وتغيرت مسارات نموها بنفسها، استجابة للتطورات المحلية والعالمية، أو بعبارة أخرى، سرعة استجابة دبي لهذه التطورات هي من أحدثت التغيير فيها، وفي مختلف قطاعاتها الإقتصادية، لذلك، فإن مقارنة الأسعار اليوم بأسعار عام 2008، مقارنة لا تليق بالوضع الحالي للسوق، ولا داعي للمقارنة الجافة، وإذا حدث وقارنا، فلتكن مقارنة مجدية تسد النقص إن وجد، وتدعم تأسيس الطلب، لا نشر العرض وحسب.

• دبي تنتقل من مستوى إلى آخر، ومن إنجاز إلى آخر.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر