مساحة حرة

«الطباعة ثلاثية الأبعاد».. نقلة نوعية لعقارات دبي

وليد الزرعوني

تبدع إمارة دبي كعادتها دائماً على صعيد استشراف وصناعة المستقبل وقراءة المشكلات الاقتصادية مسبقاً قبل حدوثها، ووضع حلول ناجزة لها، قبل وقوع هذه الأزمات، كذلك أصبحت سباقة في تبني وإدخال أحدث الوسائل والأدوات الجديدة والمبتكرة في جميع المجالات وبما يحقق القيمة المضافة للاقتصاد المحلي.

والأهم في دبي، أن التحرك لا يكون على صعيد القطاع الخاص مثلاً أو المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية، إنما يأتي الأمر من رأس الهيكل الإداري للإمارة، ما يعطي ثقة وقوة للتحرك سريعاً نحو سبل الحداثة والتطور في المجالات كافة.

وبهذا النهج الجيد جاء قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، بصفته حاكم إمارة دبي، بإصدار مرسوم بشأن تنظيم استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في أعمال البناء بدبي، على أن تكون «بلدية دبي» هي الجهة المعنية بتحقيق أهداف المرسوم وفق الصلاحيات والمهام المحددة لها في نصه. وذلك بهدف تنظيم استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بأعمال البناء في أنحاء الإمارة، ورفع نسبة المباني التي يتم تنفيذها باستخدام هذه التقنية بصورة تدريجية، وتحقيق نسبة لا تقل عن 25% من إجمالي المباني التي سيبدأ تشييدها بعد تاريخ العمل بأحكام هذا المرسوم وذلك بحلول عام 2030.

وأثبتت دبي نجاحات كبيرة في قدرتها على قراءة المستقبل، وهنا نجد أن القرار سيجعل دبي مركزاً استراتيجياً على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع في مجال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، عبر خفض الكلفة ومدة التنفيذ وتوفير حوافز للقطاع، وكذلك بعد أن أصبحت دولة الإمارات تتبنى استخداماتها المتعددة.

في البداية يجب معرفة ماهية الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تتلخص في أنها عملية إنشاء المجسمات ثلاثية الأبعاد، من ملف رقمي على جهاز الحاسوب، في حين أن النموذج القياسي للبناء ينطوي على تفريغ المعادن. ويمكن للطباعة ثلاثية الأبعاد إنشاء عدد من الطبقات المتتالية لبناء أشكال معقدة دون إهدار في هذه المواد، ولا تعتمد هذه التقنية على الكثير من الأيدي العاملة ولا على تصنيع المواد الخام.

وتتميز الطباعة ثلاثية الأبعاد بأنها توفر في التكاليف بقدر كبير، إضافة إلى حماية البيئة باستخدام كميات أقل من المواد الخام وتقليل الفاقد أثناء عمليات البناء.

ويعد الانتهاء من بناء العقار خلال مدة قصيرة، قد تصل إلى أيام لبعض البنايات، أحد أهم امتيازات هذه التقنيات، بينما كانت تستغرق أعمال البناء العادية سنوات.

وتعزز تلك التقنيات الجديدة من استقطاب الشركات الرائدة في هذا المجال، فيما ستكون دبي مركزاً استراتيجياً تنطلق منه هذه التقنيات إلى دول العالم كافة، مع إيجاد بيئة مُحفّزة لتشجيع أعمال البناء باستخدام تقنية الطباعة ثلاثيّة الأبعاد، مع بناء الخبرات وتصدير الكفاءات، ما يتيح الفرصة أمام الطامحين إلى شركاتهم بهذا المجال «الوليد».

وستكون هناك أيضاً فرصة كبيرة أمام شركات التشييد والبناء في دبي، للتفوق في هذا المجال، ما يعزز مكانتها في المنطقة، مع الاستفادة من القرار الأخير والحصول على جميع الحوافز والتسهيلات المقدمة من الإمارة.

كما تساعد تلك الخطوة في دفع عجلة الاقتصاد في الإمارة، وتعزيز تنافسيتها العالمية، والمحافظة على البيئة من خلال تقليل نسبة المخلفات الناتجة عن أعمال البناء.

رئيس مجلس إدارة «شركة دبليو كابيتال للوساطة العقارية»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر