خارج الصندوق

دبي.. إمارة الخطط والاستراتيجيات

إسماعيل الحمادي

في أول موضوع كتبته عبر هذا المنبر، وبالضبط في تاريخ 29 أكتوبر 2019، بعد أن تعالت الأصوات داخلياً وخارجياً حول مستقبل دبي بعد انتهاء فترة معرض «إكسبو 2020»، كنت قد قلت، وبالحرف الواحد، إن «عجلة دبي لن تتوقف عند 2020، و(إكسبو) ما هو إلا خطة فرعية لخطة حضرية، ورؤية تنموية شاملة في مرحلة ما، وستتبعها خطط أخرى».

- «المدينة المستدامة تتطلب عقارات مستدامة، والعقارات المستدامة تتطلب حلولاً مستدامة».

واليوم أعود وأكررها مرة أخرى، عجلة دبي لم ولن تتوقف، لأن خطط دبي الطموحة لا ولن تنتهي، ولأنها ببساطة إمارة بُنيت على خطط، وما بُني على خطط ورؤى استراتيجية سيظل كذلك.

حتى الآن توالت على دبي سبعة خطط حضرية شاملة، ومع كل خطة شهدت دبي إنجازات ضخمة، خلّدت من خلالها اسمها في سجلات التاريخ، ورسخت مكانتها عالمياً، ومع كل خطة توسعت الإمارة، وكبرت مساحة وكثافة سكانية.

أول خطة حضرية كانت في عام 1960، وكان أحد أهم إنجازاتها افتتاح مطار دبي الدولي، الذي يعد من أكبر مطارات العالم اليوم. وكانت آنذاك المساحة المبنية لدبي لا تفوق 3.2 كيلومترات مربعة، تلتها خطة في عام 1971، وخطة أخرى عام 1985، حيث توسعت المساحة المبنية للإمارة إلى 87 كيلومتراً مربعاً، ثم 178 كيلومتراً مربعاً، وتم وقتها إنجاز مركز دبي التجاري، وتأسيس أول منطقة حرة في جبل علي.

واليوم، دبي تضم أكثر من 28 منطقة حرة، وبعدها تم وضع خطة 1995، وبعدها خطة 2008، لتصبح مساحة البناء 450 كيلومتراً مربعاً، ثم 1035 كيلومتراً مربعاً، وخلالها تم افتتاح مركز دبي المالي الذي لا يخفى على أحد اليوم.

وافتتاح أطول خط مترو في العالم بقيادة ذاتية، وأطول برج في العالم حتى اليوم، ثم خطة دبي 2012، التي كان احتضان «إكسبو» أحد أهم إنجازاتها، ووصلت مساحة البناء فيها إلى 1300 كيلومتر مربع.

ومع كل خطة، هناك زيادة في الكثافة السكانية التي وصلت اليوم إلى 3.3 ملايين نسمة، مقارنة بـ40 ألف نسمة في عام 1960.

وتأتي في سنة 2021، خطة 2040، التي تركز على تنظيم وتكامل جميع الخطط الرئيسة، وتحقيق التوازن بين التوجهات الاقتصادية والاستراتيجية، لدعم النمو والتطور والاستغلال الأمثل للبنية التحتية، والهادفة إلى رفع عدد الكثافة السكانية إلى 5.8 ملايين نسمة، وتوسيع المساحات الاقتصادية والصناعية إلى 168 كيلومتراً مربعاً، وتوفير مخزون أراضٍ استراتيجية لإسكان المواطنين.

لن أتعمّق كثيراً في استراتيجيات خطة 2040، التي تهدف إلى أن تصبح دبي أفضل مدينة للعيش في العالم، لكن أريد أن أشير هنا إلى دور القطاع العقاري كجزء لتحقيق هذه الرؤية، والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة التي تهدف إليها هذه الرؤية.

وأنا شخصياً اعتبرها فرصة لإعادة ترتيب البيت العقاري من جديد، ووضع خطة استراتيجية تتماشى مع أهداف الخطة العامة، كون القطاع من الركائز الأساسية للاقتصاد، وهي فرصة لتعزيز التركيز على العقار الصناعي، وبحث الحلول الملائمة للنهوض بالقطاع الصناعي، وتشجيع الاستثمار العقاري به.

الأهداف واضحة، والمعالم واضحة، لكن الخطط الفرعية تستدعي التركيز، وحياكتها بدقة، وبما أن العقار هو أساس كل قطاع، ووعاء ممارسة كل نشاط اقتصادي، مهما كان نوعه، تبقى المهمة على المطورين وكل الناشطين في القطاع أكبر لخلق منتج عقاري يليق بالرؤية المستقبلية لدبي، فالمدينة المستدامة تتطلب عقارات مستدامة، والعقارات المستدامة تتطلب حلولاً عقارية مستدامة، والحلول المستدامة تتطلب تفكيراً خارج الصندوق، والخروج عن المألوف، لنصنع فارقاً في القطاع.

المسألة وما فيها أن الخطة العقارية تحتاج إلى صياغة جديدة.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر