مساحة حرة

كيف حصّنت دبي عقاراتها من الجائحة؟

وليد الزرعوني

تثبت إمارة دبي دائما، ببصيرة قادتها المعهودة، أنها جاهزة دائماً لاقتناص الفرص وذلك من رحم أزمات الأحداث العالمية مهما كان صعوبتها، بل وتحولها لصالحها، وكثيراً ما ترجمت ذلك عملياً على أرض الواقع، وهذا ما ظهر أخيراً في أزمة «كوفيد-19» التي أجبرت كل اقتصادات العالم على التوقف شبه التام.

إنها حقاً دبي التي تسير على نهج صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تحويل الأزمات إلى فرص وإحداث تغييرات إيجابية ومستدامة في جميع القطاعات، حيث نجحت في احتواء تبعات الجائحة على قطاعها العقاري وتحقيق التعافي التدريجي والنظر بتفاؤل إلى مستقبل ما بعد «كوفيد-19».

ولم يأت هذا النجاح صدفة حيث كان السبيل الأكيد للنجاح هو الإجراءات الاستباقية التي قامت بها الحكومة الرشيدة والتي مكنت القطاع العقاري وباقي الأنشطة الاقتصادية المختلفة في الإمارة من عبور الأزمة بسلام، وساعد ذلك أيضا على سرعة التعافي ومعاودة النشاط الاقتصادي المعتاد، يضاف إلى ذلك اتخاذ عدد من الإجراءات وإطلاق حزم من المبادرات للحد من الآثار المترتبة على تفشي الجائحة.

ومثلت المبادرات الحكومية وما اشتملت عليها من حزم تحفيزية الدافع الأول لتحقيق المزيد من التعافي ومساعدة السوق العقاري في الإمارة على مواصلة النمط الصاعد، وكان القطاع ضمن أكثر المستفيدين من حزمة التسهيلات بالتزامن مع التحركات الخاصة بالإجراءات الاحترازية الحكومية التي قامت بها الدولة للتخفيف من تداعيات الجائحة، والتي أعطت المطورين دفعة قوية إلى الأمام لاستكمال أعمالهم وفق المخطط.

هذا إلى جانب حزم الإجراءات الاستباقية المهمة التي أقرها المصرف المركزي، والمتمثلة بزيادة نسبة القرض العقاري إلى قيمة العقار بالنسبة لمشتري العقارات للمرة الأولى

وكان أيضاً للبنية التحتية ذات المستوى العالمي وخطط التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي نصيب كبير من تقديم المناعة اللازمة للقطاع العقاري خلال الأزمة من خلال استمرار تقديم كافة الخدمات الحكومية والخاصة ساهم كل ذلك بشكل كبير جدا من تخفيف حدة الأثر المتوقع للجائحة على القطاع العقاري.

فضلا عن عوامل أخرى متعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، وجود التشريعات الشفافة التي ضمنت تعزيز الثقة بين المستثمرين على جميع المستويات ولعبت دوراً بارزاً في احتواء الأزمة علاوة على استمرار البنوك المحلية في التمويل والاقراض، برغم الجائحة، حيث مازالت تقدم القروض وتعرض معدلات فائدة منخفضة، ما يعتبر حافزاً إضافياً للمشترين المرجحين، إضافة إلى تنويع العروض لتناسب مختلف الشرائح، وتوفير خطط دفع مرنة لاستقطاب المشترين الجدد، إذ أسهمت الجائحة في تحفيز المطورين على خفض الأسعار، ودعم المشتري بالتسهيلات المتنوعة.

وتعتبر دبي جاهزة بقدرتها وإمكانيتها لأي تغييرات جذرية قد تحدث في صناعة التطوير العقاري في زمن ما بعد الجائحة وذلك على صعيد التصميمات السكنية في نطاقها الخاص والتي من بينها التصميمات التي تتبني فكرة «البناء الصحي» الذي يوظف الضوء الطبيعي، والتهوية الجيدة، إلى جانب تطبيق استراتيجيات مقاومة للجراثيم وغيرها من الابتكارات الحديثة التي تواكب التغيرات الأخيرة.

ويشهد السوق العقاري في دبي حالياً أنماط انتعاش مرتدة إيجابًا على شكل حرف (V)، والتي تتميز بالارتفاع السريع بعد الانخفاض، لنعود من خلالها إلى مستويات المعاملات في فبراير ومطلع مارس 2020.

رئيس مجلس إدارة شركة «دبليو كابيتال» للوساطة العقارية.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر