5 دقائق

حقائق غير متداولة

عبدالله القمزي

أصدرت الأمم المتحدة تقريراً أشارت فيه إلى حدوث زيادات هائلة في عدد سكان العالم خلال الـ100 عام الأخيرة، ما أدى إلى زيادة الضغوط على الطبيعة ومواردها، وهذان العاملان المتوازيان تسبّبا بشكل لا يدعو إلى الشك في تفشي الأمراض والأوبئة لدى البشر.

يشير التقرير إلى زيادة الطلب على البروتين الحيواني كسبب رئيس لظهور الأمراض الجديدة، ولغة الأرقام تقول إن إنتاج اللحوم نما في الـ50 سنة الماضية إلى 260%، وزاد إنتاج الحليب 90%، والبيض أكثر من 340%، وفي الوقت نفسه ازداد استهلاك الأغذية النباتية بالتوازي مع زيادة سكان العالم.

ارتفاع الطلب على الأغذية الحيوانية صاحبته ضغوط هائلة على الصناعات المعتمدة على بيئة الحيوان، وتكثيف الإنتاج الزراعي، ولتقليل الكلفة أصبحت الصناعات الغذائية الحيوانية قريبة من المدن، وبعضها لا يراعي أي إجراءات سلامة.

منذ الأربعينات إلى اليوم، كان لعمليات إنتاج الأغذية الحيوانية نسبة 50% من الأمراض الحيوانية المنشأ التي انتقلت إلى البشر. هذا حدث بسبب إدارة العملية بشكل سيئ، والإفراط في استخدام المضادات الحيوية لإخفاء الأمراض في الحيوان، وهو يدخل ضمن الغش التجاري.

كما أشار التقرير إلى سوء استغلال الحياة البرية، كالصيد لأغراض الترفيه، واستنزاف الحياة البرية بأكل لحوم حيوانات غير صالحة للاستهلاك الآدمي، والاستيلاء على الكائنات بغرض الاتجار أو لاستخدامها في حدائق الحيوانات.

هناك سبب آخر، هو انتقال الإنسان للسكن داخل البيئة الحيوانية، بما يشمل ذلك من إنشاء بنى تحتية ومواصلات وكل ما يساعد الإنسان على استغلال الطبيعة. يتوسع التقرير في هذه النقطة ليذكر أنه عندما تصبح الحيوانات البرية نادرة، فإن البشر يتحولون إلى إكثارها خارج بيئتها، أي وهي في الأسر، وهذا ما يؤدي إلى تطور الأمراض الحيوانية الأصل.

كل ما يؤدي إلى تكوين حلقات اتصال بين عالمَي البشر والحيوان، يسهم في انتقال الفيروسات من العالم الثاني إلى الأول، وكلما ازدادت حركة النقل والتجارة والصناعة انتشرت الأمراض حول العالم.

وكلما تباطأت وسائل النقل وتخلفت تباطأ انتشار الأمراض واستقرت في مناطق محددة من العالم، وهذا سبب عدم خروج أمراض من مناطق معينة. والذي مرض على سفينة أو قافلة منذ 1000 عام فإنه غالباً لم ينقل المرض إلى الوجهة النهائية لأنه شُفي أو مات قبل وصوله.

أما اليوم، فمن يصاب في الصين قد لا تظهر عليه الأعراض حتى يستقر في بلد الوجهة النهائية.

من السهل جداً أن نتابع قصص المؤامرات الكونية على السوشيال ميديا، وأن نتهم بيل غيتس بتصنيع الفيروس، لأن هذا التفسير هو الأسهل للعقول الضيقة، لم يلتفت أحد إلى التقرير أعلاه، ولم يتداول في وسائل التواصل رغم أنه الحقيقة.

الأكثرية منا وُلدت منذ نصف قرن، ولا تعلم ما حدث قبل ذلك، ولا تقرأ في التاريخ الصناعي، لكنها جاهزة لقول: لم يحدث هذا أبداً في تاريخ البشر.. لابد أنها مؤامرة!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر