5 دقائق

محلل سياسي وحلاق!

عبدالله القمزي

ذهبت إلى حلاق في مركز تجاري، وكان من جنسية عربية، وهذه المرة الأولى التي أعود فيها إلى حلاق عربي منذ خمسة أعوام. بعد صمت لم يتجاوز دقيقة واحدة، بدأ إخباري قصة حياته، وسرعان ما دخل في السياسة.

سؤال يحيرني، أنا المسكين الذي سلمت رأسي لهذا الحلاق: هل بعض المحللين السياسيين، الذين يظهرون على القنوات التلفازية العربية كانوا حلاقين في الأصل؟!

لماذا يتحدث الحلاقون العرب في السياسة أو الفن مع شخص يتعاملون معه لأول مرة؟ لا بأس لو كانت هناك علاقة ود بين زبون يتعامل بشكل دائم مع حلاق، لكن الرجل رآني لأول مرة، وقرر فتح موضوع سياسي معي، دون أن يعلم شيئاً عني.

في الـ33 سنة الماضية، مررت على الكثير من الحلاقين الآسيويين والعرب، الآسيوي لا يتحدث معي كثيراً بسبب حاجز اللغة، ويشغل نفسه بمشاهدة قناة بلاده في التلفاز المعلق فوق رأسي، أو يتبادل أطراف الحديث مع زميله.

هذا بالنسبة لي، لأن هناك نسبة لا يستهان بها من مواطني الدولة تتحدث إما بلغة الحلاق الآسيوي، أو تستخدم معه العربية المكسرة التي يفهمها، ولا أعلم إن كان الآسيويون مغرمين بالأحاديث السياسية كما العرب. ولن أبالغ لو قلت إنني لم أتبادل أي حديث قط مع حلاق غير عربي، باستثناء كلمتين مؤثرتين جداً قالهما لي حلاق آسيوي، مجاور لمنزلي، منذ أربعة أشهر، هما: «كورونا مشكلة»!

مشكلتي مع الحلاقين الآسيويين تحولت إلى عقدة، عندما ذهبت إلى أحدهم أيام المدرسة الثانوية، وعندما قال لي: «سوي خفيف؟»، فهمت أنه يريد تقصير شعري ووافقت فوراً. لكني صدمت عندما خففه لي بالماكينة بسرعة البرق، حتى بانت صلعتي في عز مراهقتي!

قررت فوراً التعامل مع حلاقين عرب، وكان ذلك في منتصف التسعينات، وهؤلاء بالطبع هم الذين حاولوا تثقيفي سياسياً، إذ لم يكن عندي أي اهتمام بالسياسة، وكانوا كذلك يتبجحون كثيراً بالفن والنقد، وأنهم أعطوا أفكاراً فنية كثيرة لمخرجي أغانٍ عربية، وصففوا شعر فنانين عرب، أمثال راشد الماجد، الذي كان يمر بعصر ذهبي في ذلك الوقت.

كان أحدهم يعلق صورة ذلك الفنان - والتي كانت إهداء وزعت مع الألبوم الرائع بعنوان «المسافر» 1996 - على باب المحل، ويقول إنه من صفف شعر راشد الماجد. قد يكون محقاً لكنه لم يبرز أي دليل كصورة تجمعهما معاً.

منذ منتصف التسعينات وحتى عام 2015، تعاملت مع الحلاقين العرب، الذين أدلوا بدلوهم في الفن والسياسة والتاريخ وحتى علم الآثار والجيولوجيا. وهو كلام كنت أميل لتصديقه في البداية، ثم مع نضجي عبر السنين وقراءاتي في المجالات التي تهمني، بدأت أدخله من أذن وأخرجه من أخرى، خصوصاً نظريات المؤامرة التي لا أطيق سماعها.

بالعربي: لا أنسى الحلاق الذي أخبرني بقصة السرقة، التي حدثت في محله من قِبَل أحد العاملين لديه، الذي افتتح بها محلاً آخر له، ثم بدأ بسرد نظريات المؤامرة عن إسرائيل كما تفعل العرب.

ولا أعرف من تآمر ضده، العامل الذي سرقه أم إسرائيل، لأن الموضوعين متداخلان جداً على لسانه!

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 


لا أنسى الحلاق، الذي أخبرني بقصة السرقة التي حدثت في محله من قِبَل أحد العاملين لديه، الذي افتتح بها محلاً آخر له، ثم بدأ بسرد نظريات المؤامرة.

تويتر