كـل يــوم

«التجمعات» بيئة «كورونا» المفضَّلة!

سامي الريامي

هناك فرق بين التجمعات العائلية الخطرة، التي تكون سبباً مباشراً في انتشار فيروس كورونا المستجد، ليصيب مجموعات بشرية بأعداد كبيرة، والزيارات السريعة، التي تؤدي غرض الاطمئنان والسلام على الأهل، بطريقة آمنة، لا تجلب لهم الضرر أو المرض.

فرق كبير بين هاتين الممارستين، مع أنهما تحملان الهدف النبيل نفسه، فكلتاهما من صميم عاداتنا الاجتماعية المحببة، وكلتاهما تندرجان تحت صلة الأرحام، ولكن في هذا الوقت، وفي هذه الفترة الصعبة، ومع وجود فيروس كورونا، هناك فرق شاسع بينهما، فالممارسة الأولى لا تجوز شرعاً، من مبدأ «لا ضرر ولا ضرار»، ومُجرَّمة قانوناً، فهي مخالفة صريحة لقوانين وتعليمات الدولة في إطار مكافحتها لهذا المرض، أما الثانية، وهي الزيارات السريعة، فإن كانت محددة، ومنظمة، ومتوافقة مع جميع الإجراءات الاحترازية التي تمنع انتشار الفيروس، فلا بأس بها، فالهدف هو حماية العائلة، خصوصاً كبار السن، وليس الهدف منع الناس من التواصل مع أهاليهم، ومع ذلك فتجنبها أيضاً في هذا الوقت أفضل، والاستعاضة عنها بالوسائل التقنية والاتصال عن بعد آمن.

أعرف كثيراً من الأصدقاء، يحرصون أشد الحرص على اتباع الإرشادات الطبية كافة، ويطبقون الإجراءات الاحترازية بالحرف، أثناء زياراتهم لآبائهم وأمهاتهم، فزياراتهم غالباً ما تكون بترتيب مسبق، بحيث تشتمل على أقل عدد ممكن من أفراد العائلة، ويحرصون كل الحرص على عدم تقبيل أو لمس والديهم، أو أي من أفراد العائلة، ويحرصون كذلك على التباعد الجسدي، فيتركون مسافة كافية بينهم أثناء الجلوس، كما أنهم يرتدون الكمامات طوال فترة مكوثهم مع والديهم، ومع ذلك فهم يفضّلون تجنب الزيارات في هذا الوقت.

أحدهم حرص على تطبيق كل تلك الإجراءات، رغم أنه تلقى لتوه رسالة نصية من هيئة الصحة، تفيد بنتيجة فحصه «السلبية» لفيروس كورونا، الذي أجراه قبل يوم واحد من زيارته لعائلته، ومع ذلك قال لوالده: «أنا متأكد من عدم حملي للفيروس، ولكني لن اقترب منك، لأني لا أريد أن أترك مجالاً للشك ــ ولو بنسبة 1% ــ في أني قد أكون سبباً في إصابتك بمكروه»!

مثل هذا الحرص، ومثل هذا الوعي، هو الذي تنشده الحكومة من خلال حملاتها التوعوية، ومن خلال نصائحها وإرشاداتها اليومية، ولا شك أن هناك عدداً كبيراً جداً من المواطنين، والمقيمين أيضاً، ملتزمون التزاماً كاملاً بهذه الإجراءات الاحترازية، إلا أن وجود نسبة غير ملتزمة، وإن كانت قليلة، فإنّ تأثيراتها السلبية كبيرة جداً على المجتمع، وعلى القطاع الصحي في الدولة، فوجود شخص مهمل قد يتسبب في نشر العدوى لـ10 أشخاص ملتزمين!

لذا، فلا مجال أبداً لفتح المنازل والمجالس، خلال أيام عيد الفطر السعيد، ولا مجال أبداً للتجمعات العائلية الكبيرة، ففيها يفقد الجميع السيطرة على تطبيق الإجراءات الاحترازية، وفيها يجد الفيروس البيئة المناسبة للانتشار، فهو يعشق التقارب الاجتماعي، ويخشى التباعد الجسدي، وفي هذه التجمعات قد نجد الضرر والضرار، المنهي عنهما دينياً، فيتحول الهدف النبيل من التجمع إلى وسيلة لإصابة من نحب بالفيروس، وقد يتحول فرح هذا التجمع إلى حزن وأسى، إن كان هناك مصابون من كبار السن!

بالتأكيد الحكومة لا تريد أن تسلبنا فرحة العيد، ولقاء الأحبة، ولم تتخذ إجراءاتها إلا حرصاً منها على سلامة الجميع، وعندما تزيد نبرة تحذيراتها من التجمعات الاجتماعية والعائلية، فلأنها تعرف تماماً نتيجة هذه التجمعات، فلنحرص جميعاً على جعل هذا العيد أكثر أماناً، ولنحرص كل الحرص على صحة وسلامة عائلاتنا ومن نحب، ولنحرص على التباعد الجسدي، ولبس الكمامات، فهما من أكثر وسائل الأمان حالياً لمنع الإصابة بفيروس كورونا!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر