5 دقائق

المُحَفِّز

الدكتور علاء جراد

يتأثر الإنسان في أفعاله ببيئته وظروفه الاجتماعية، والحياة تنقلنا من حال إلى حال، وكثيراً ما يمر الإنسان بمواقف ضعف وشك وتردد، وأحياناً تنقصه الطاقة فلا يستطيع البدء في مهام جديدة أو إكمال ما بدأه. لذلك لابد من وجود الدافع، وهو القوة الداخلية التي تدفع الإنسان إلى التحرك من أجل إشباع حاجة معينة، ويسهم الطموح في تأجيج تلك القوة الداخلية من أجل التحرك، ولكننا أحياناً يكون لدينا الدافع ونعرف ما يمكن تحقيقه والعائد الإيجابي من إنجاز مهمة معينة ولكننا مع ذلك لا نتحرك ولا نعرف من أين نبدأ، إذاً الدافع وحده قد لا يكفي حيث نحتاج إلى «مُحفِّز» أو ما يُسمى بالإنجليزية Catalyst فما هو ذلك المحفز وكيف ندرك وجوده، ونستفيد منه.

المحفز كلمة مأخوذة من الكيمياء، وهي مادة يتم إضافتها من أجل تسريع التفاعلات، ولا يمر يوماً إلا ونستهلك فيه طعاماً أو منتجاً كان المحفز عنصراً في إنتاجه، بل إن المحفزات تعمل داخل أجسادنا في صورة الأنزيمات التي تساعد على الهضم والكثير من العمليات الحيوية الأخرى. وبالمفهوم نفسه يمكن للمحفزات أن تؤثر في سلوكنا وطريقة عملنا وإنجازنا للمهام، حيث يساعد المحفز الشخص على الإنجاز وتحقيق الأهداف، ويمكن أن يكون المحفز موقفاً معيناً نمر به، أو تجربة تؤثر فينا وتعمل على استنهاض همتنا وتقوية عزيمتنا وتأجيج دوافعنا، وبالتالي تحمل الصعوبات والتغلب على التحديات التي نواجهها وأهمها الانتصار على الذات والخروج من منطقة الراحة والكسل إلى العمل والاجتهاد.

قد تكون المحفزات في صورة عينية أو مادية وقد تكون معنوية أيضاً، وحسب تصوري فالمحفزات هي الأوكسجين الذي يقوي ويزيد الدافع بداخلنا لأن الدافع وحده لا يكتفي، قد يكون المحفز في صورة دعم إيجابي من شريك الحياة أو من شخص قريب منا ويهمه أمرنا حتى ولو كان في صورة ضغط إيجابي، وقد حدث ذلك لي عندما كنت أكتب كتابي الأول، فبعد الانتهاء من كتابة المسودة الأولى لم يتبقَّ إلا الوصول للناشر وكانت طاقتي نفدت وتكاسلت في إتمام عملية النشر، وإذ بأحد أصدقائي يدفعني دفعاً وكلما قابلني يسألني ماذا فعلت؟ ومتى ستوقع عقد النشر؟ وكنا نلتقي يومياً وفي كل مرة يسألني ويتابع الأمر حتى انتهيت من الكتاب ونُشر بالفعل.

قد يكون المحفز أيضاً الامتثال لوصية عزيز علينا أو بهدف إسعاد أحبابنا، وقد يكون المحفز ذا وازع ديني أو مجرد مقال أو معلومة تصلنا، المهم أن ننتبه لأهمية وجود المحفز، وإن لم يكن موجوداً فعلينا أن نسعى إليه ونتأكد من وجوده.

المحفزات تعمل داخل أجسادنا في صورة الأنزيمات التي تساعد على الهضم، والكثير من العمليات الحيوية الأخرى.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر