كـل يــوم

حان وقت التدخل لإنهاء هذه الممارسات!

سامي الريامي

يجب ألا يتوقف الأمر عند حد الإفصاح عن الانكشافات على مجموعة «إن إم سي»، ولا يمكن أن يُترك الأمر دون متابعة وتحقيق وتدقيق، ولا يمكن أبداً ألا يكون هناك متواطئون، ومهملون، وغافلون، فليلقَ كلٌّ منهم الجزاء الذي يستحقه، والأهم من ذلك كله لا يمكن أبداً أن تسمح الجهات المختصة بتكرار ما حدث، لابدَّ من ضوابط وعقوبات وروادع، وإجراءات جديدة، واشتراطات، وتغييرات هيكلية جذرية في جميع البنوك والمصارف، بالإجبار لا بالاختيار، ومن لا يعرف كيف يدير شؤون أموال المصارف، فلتتدخل الحكومة بتعيين من يستحق شَغل هذه المناصب الحساسة والحيوية.

سئم المجتمع ما يحدث في المصارف، إنها أموال وثروات مهدرة، أُهدرت بتعمد، وبممارسات سلبية معروفة، من أناس معروفين، هم بعينهم دون غيرهم، فعلوها مراراً وتكراراً، وأساليبهم معروفة وواضحة، ويعرفها كل من يتعامل معهم، ومع ذلك لم يوقفهم أحد، ولم يحاسبهم أحد، ولم يبعدهم عن مناصبهم الحساسة أحد من المسؤولين في المصارف، حتى استطاع عدد منهم الهروب بأموال كثيرة، وبطرق سهلة، فكيف يتم ذلك؟! وماذا فعلت البنوك لإيقاف ذلك؟!

قبل فترة ليست بالبعيدة، ألقت الجهات المعنية في المطار القبض على موظف بنك، وهو يحاول مغادرة الدولة، بعد أن استطاع أن يسحب 600 مليون درهم من حسابات عملاء البنك، ويحولها إلكترونياً إلى خارج الدولة، والغريب أنه فعل ذلك رغم إنهاء خدماته من البنك، والأغرب من ذلك أن إلقاء القبض عليه لم يكن بسبب تحويلات المبلغ المذكور، بل لأنه قدّم شيكاً بـ15 ألف درهم إلى شخص ما، ونسي أن يصرفه له، فتم التحفظ عليه ومنعه من السفر بسبب شيك دون رصيد بمبلغ بسيط، قبل أن يكتشف البنك الضربة الكبرى التي نفذها، وكاد ينجح فيها لولا هذه الغلطة غير المحسوبة!

ألا يستدعي ذلك الوقوف على أنظمتنا المصرفية؟! ألا يستدعي ذلك ضرورة معرفة مكامن الخلل؟! ومع أن الخلل شبه واضح، إلا أن الإجراءات التي ينبغي أن تتخذ لاتزال بطيئة، وغير مقنعة، ما يجعل التدخل الحكومي ضرورة حتمية، لأن من الواضح جداً أن مجالس الإدارات لم تستطع أبداً إيقاف هذه الاختلاسات والتلاعبات، ولا يبدو أنها تستطيع إيقافها!

الضرورة تقتضي تشكيل لجنة من النيابة العامة والمصرف المركزي، تبدأ تحقيقات فورية حول قضية انكشافات البنوك على مجموعة «إن إم سي»، هذه التحقيقات ستكشف المستور، ومكامن الإهمال، وستفضح بؤر الفساد إن وجدت، وتعري كل من تواطأ، أو سهّل المهمة، وستتعرف إلى سبب هذا التواطؤ، وستضع يدها على الجرح، واليد الأخرى على الدواء، لابد من ذلك، ولابد من طرح حلول قانونية قضائية، فالأموال المهدرة هي أموال عامة، لا ينبغي السكوت على ضياعها، بل تجب معاقبة ومحاسبة كل من أسهم في ضياعها!

نسمع كثيراً عن تلاعبات بعض المسؤولين في البنوك، من تلك الفئة التي تعرفونها، ولمصلحة أبناء جلدتهم، للدرجة التي أصبح فيها التفاوض على ثمن عمولة التمويل شيئاً طبيعياً واعتيادياً، ولا يمكن أن تأتي الموافقة على التمويل من دون هذه العمولة، أو بالأحرى «الرشوة»، هذا ما ينبغي القضاء عليه في حال ثبت وجود مثل هذه الممارسات، وهذا ما ينبغي أن تسعى لمعرفته الجهات المختصة بالتحقيق، وإن صح ذلك فلا ينبغي أن يبقى فاسد واحد على كرسيه، ولا ينبغي أيضاً أن يكون مجرد قرار إنهاء الخدمة هو العقاب، إنها قضية جنائية وتستحق تطبيق قانون العقوبات وبأشد فقراته، فالتلاعب بالاقتصاد الوطني أمر لا يمكن التساهل فيه!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر