كـل يــوم

الشرطة في مواجهة مباشرة مع الجمهور!

سامي الريامي

عندما يقرر مسؤول تنفيذي عقد لقاء مفتوح للاستماع للملاحظات والشكاوى مع كل من يرغب، من المواطنين والمقيمين بشكل عام، وفي قاعة عامة، من دون انتقاء لأشخاص أو موضوعات قابلة للنقاش وأخرى غير قابلة، فلاشك إطلاقاً أن في هذه الخطوة شجاعة والتزام، وحب للعمل وخدمة المجتمع!

ومن دون مجاملة، مثل هذا اللقاء بشكله وطريقته وفكرته، لم نشاهدها من قبل، مع أي مسؤول تنفيذي بدرجة مدير عام أبداً، في حين فعلتها شرطة دبي، ممثلة بقائدها العام، وجميع مساعديه، ومديري الإدارات فيها، جميعهم جلسوا أمام الجماهير غير المنتقاة، في قاعة البيت متوحد بمنطقة الورقاء في دبي، عرضوا مبادرات، وأجابوا عن استفسارات، وسجلوا ملاحظات، بل واتخذوا إجراءات فورية في عدد من القضايا التي طرحها الحضور المتنوع في أعماره، بين كبار في السن وشباب وفتيات، وبين نساء ورجال، ومواطنين وغير مواطنين من عرب وأجانب، جميعهم حصلوا على فرصة كاملة للمناقشة وطرح الأسئلة والاستفسارات، وكل من طرح سؤالاً لقي الجواب الفوري من الشخص والإدارة المختصة!

بغض النظر عن بعض السلبيات البسيطة التي رافقت تنفيذ هذه الفكرة المدهشة، وهذا أمر طبيعي كونها تنفذ للمرة الأولى، إلا أنها تبقى تجربة جميلة ومختلفة، فوجود جميع قيادات الجهاز الشرطي في مواجهة الناس بغرض خدمتهم، ومن دون حواجز أو إجراءات، هو أمر استثنائي بكل المقاييس، خصوصاً أن الجهاز الأمني في كل مكان في العالم لا يتجرأ، أن يضع نفسه على المحك مع الجماهير مباشرة، فمهما كانت جودته ومستوى أدائه، ستجد حتماً من تراكمت لديه مظالم، لذا فما فعلته شرطة دبي ينم عن ثقة عالية، وجرأة مستحبة، وهدف نبيل لتطوير الخدمات من خلال الاستماع للناس، وهذا أمر يُحسب لها دون شك.

فالاجتماع المباشر مع الجمهور يمثل تحدياً بكل المقاييس، على عكس اللقاءات المعدة سلفاً، والتي تحمل أجندة أو موضوعات محددة، لكن هنا تكمن الجرأة، ومثل هذه الثقافة هي التي يجب أن تنتشر بين المسؤولين التنفيذيين، فالمواجهة والقرب من الناس، وجعلهم يشعرون بأن أصواتهم مسموعة، يقضيان على كثير من السلبيات، وينشران الطاقة الإيجابية بين المجتمع، ويزيدان من ثقة الجماهير بالمؤسسات الحكومية، فكيف واللقاء لم يقتصر على مجرد الاستماع، لكنه تعداه إلى الملاحظات والطلبات والاقتراحات، بل وتمت الاستجابة فوراً لعدد كبير منها، وتدوين جميع المداخلات لاتخاذ خطوات عملية لاحقة بشأنها.

اللقاء المفتوح سُنة حميدة سنتها شرطة دبي، فهل نراها تنتشر في الفترة المقبلة بين المديرين العامين، خصوصاً أولئك الذين يتولون دوائر خدمية؟ ألم يحن الأوان لأن ينزلوا للناس ويستمعوا منهم مباشرة، ويسجلوا ملاحظاتهم، ويتعرفوا إلى انتقاداتهم وشكاواهم، لمَ لا؟ نتمنى فعلاً أن نرى ذلك قريباً!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر