كـل يــوم

التوطين أكبر من توفير وظيفة!

سامي الريامي

التوطين ليس مجرد توفير وظيفة لمواطن، الموضوع أكبر من ذلك بكثير، فالتوطين هو تمكين للمواطنين قبل الوظيفة، وهو ضمان لمساهمة الشباب والشابات في الاقتصاد الوطني، وتعزيز مسيرة التنمية الوطنية، وهو هوية وتكوين أسرة مواطنة، وهو مستقبل أجيال..

التوطين يعني كل ذلك وأكثر، والوظيفة هي مفتاح الحياة، وهي الضمانة لاستمرارية تفوق الدولة ونمو اقتصادها، فالاقتصاد الناجح هو الذي يساعد في خلق الوظائف، والاقتصاد الناجح هو الذي يقلل من أعداد الباحثين عن عمل، وفي المقابل فالاقتصاد الضعيف هو الذي تزيد نسبة البطالة فيه!

التوطين أولوية قصوى للحكومة، ولذلك نجد الاهتمام منقطع النظير في الدولة لاستيعاب المواطنين في قطاعات الاقتصاد المختلفة، ولذلك انشأت الامارات وزارة خاصة معنية بهذا الملف، وتحمل على عاتقها مسؤوليات خلق فرص عمل مناسبة للمواطنين في القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة..

التوطين في الأونة الأخيرة دخل منعطفاً جديداً، فلن تترك الأمور كما كانت دون رقابة ومتابعة وإحصاءات وأرقام، فالتجارب السابقة علمتنا أن القطاع الخاص والشركات الكبيرة لا يكترثون بتشغيل المواطنين، ولا يريدون ذلك، هم يدّعون ان تكلفة توظيف المواطن عالية، في حين ان الواقع يثبت انها لا تتجاوز 10% من تكلفة تشغيل غير المواطن، مع ملاحظة ان ذلك في الوظائف العادية، أما في الوظائف المتوسطة والعليا فان القطاع الخاص يدفع بسخاء رواتب ومزايا مجزية لغير المواطنين، قد لا يجدها المواطن في القطاع الحكومي، لذلك فالأمر لن يترك هكذا مستقبلاً، بل ستكون هناك رقابة حكومية على نوعية الوظائف، وهناك متابعة دورية لضمان تشغيل نسب مرضية من المواطنين، وهناك إجراءات ضد من لا يكترث بتعيين المواطنين، منها المساهمة في صندوق التوطين من أجل تدريب وتأهيل المواطنين وتهيئتهم لدخول سوق العمل..

اسواقنا مفتوحة، وبلادنا مفتوحة للمستثمرين من أنحاء العالم كافة، والواقع يثبت وجود مستثمرين ورجال أعمال كبار جداً، بدأوا هُنا، وكبروا هُنا، وجمعوا ثروتهم هُنا، ومشاريعهم وشركاتهم تنتشر في كل زاوية، يعمل بها آلاف من بني جنسهم، وبرواتب عالية ومجزية، لم يعترض عليهم أحد، ولم يضايقهم أحد، هم يعتقدون ان رد الجميل لابناء بلدهم واجب عليهم، وهذا صحيح، ولكن ماذا عن البلد التي استضافتهم وهيأت لهم سبل الربح وتعظيم الثروة، الا يمتلك مجتمعها حق أيضاً، ألا يعتبر توفير وظائف لابناء هذا البلد، واجب ورد جميل أيضاً!

من حق الدولة ان تسعى لخلق وظائف لمواطنيها بالطرق والوسائل الممكنة كافة، ومن حقها سن القوانين المنظمة لذلك، ومن حقها إلزام القطاع الخاص بتوظيف المواطنين في الوظائف التي تراها مناسبة، او إلزامهم بدفع كُلفة تدريب المواطنين في حالة عدم وجود الرغبة لديهم في توظيفهم، كل ذلك حق مشروع، وكل تلك الخطوات الجادة ستتبعها الدولة مستقبلا لتمكين المواطنين، وضمان إنتاجيتهم ومساهمتهم في التنمية والاقتصاد الوطني!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر