5 دقائق

ورقة دَوّار الشمس

الدكتور علاء جراد

درس من دروس المرحلة الابتدائية ربما نسيناه، وهو درس الأحماض والقلويات وكيفية معرفتهما من خلال تجربة بسيطة ومباشرة، حيث تتحول الورقة من الزرقاء إلى حمراء في البيئة الحامضية، وتتحول الورقة الحمراء إلى زرقاء في البيئة القلوية. ذكرني بعض الأشخاص بتلك التجربة، وربما التجربة ذكرتني ببعض الأشخاص، وبنفسي في الماضي، تلك التجربة البسيطة توضح معنى «رد الفعل» الفوري والقوي والمباشر، فقد تغير لون الورقة تماماً وفوراً بتغير البيئة، ولو تفكرنا قليلاً في حالنا سنجد أننا كثيراً ما نكون مثل تلك الورقة وربما دون أن ندري.

- الاستجابة تعني

التفكير بموضوعية،

بعيداً عن الانفعالات

والعواطف، ودراسة

الموضوع من كل

الجوانب.

عندما نتعرض للنقد أو يخبرنا أحدهم برأيه في قضية ما، ويكون هذا الرأي مخالفاً لقناعتنا، فننبري للرد فوراً من دون تفكير، ونحاول الدفاع عن أنفسنا أو عن قناعتنا، وفي الحياة الزوجية عندما يتصرف أحد الزوجين بطريقة ما أو يقول كلمة ما ليست في محلها، فيسرع الطرف الآخر بالرد بل والإمعان في الرد، وأحياناً العناد الشرس من دون تفكير، كل ذلك يندرج تحت بند رد الفعل الفوري الخالي من التروي والتفكير، ويشمل ذلك كل القرارات العاطفية التي نتخذها، فهي قرارات وليدة لحظة انفعالية، يغيب فيها صوت العقل، وتسيطر علينا العواطف، وفورة رد الفعل التي دائماً لا تأتي بخير، ويصحبها الندم وعض الأنامل ربما لسنوات، هذا لا يمنع أن بعض الأمور تحتاج إلى ردة فعل مباشرة وسريعة كأن نَهُب لمساندة أحد بحاجة إلينا، أو لنجدة إنسان وعدم الوقوف موقف المتفرج، وهناك بالطبع ردود فعل يجب أن تكون فورية ومن دون تفكير، فلو أنك وجدت إنساناً يتعرض لخطر ما فستهب لنجدته حتى لو كلفك ذلك حياتك، وهذه السمة غريزية خصوصاً لدى الآباء والأمهات.

إن الأفضل من «رد الفعل» هو «الاستجابة» فمثلاً إذا وصلتك رسالة لا ترضيك، وأردت أن ترد فوراً وتفند ما جاء بالرسالة، فالأفضل ألا تفعل ذلك وأنت في فورة الغضب والعاطفة، لكن تروى وفكر في الأمر، وإن كان لابد فاكتب الرد لكن لا ترسلها بل اتركها لليوم التالي، واقرأها مرة أخرى، فالغالب أنك ستعدّلها وربما لن ترسلها أصلاً. إن الاستجابة تعني التفكير بموضوعية بعيداً عن الانفعالات والعواطف ودراسة الموضوع من كل الجوانب، وإن كان الأمر مرتبطاً باتخاذ قرار فالاستجابة تعني أنك درست كل التبعات التي ستنتج عن قرارك، وقد تستدعي الاستجابة أن تستشير من تثق برأيهم، فكم من بيوت خُرّبت بسبب رد فعل غير مدروس. ولنقتدِ بقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ليس الشديد بالصُّرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر