كـل يــوم

إيصال الشكاوى ليس بالتنمّر!

سامي الريامي

من المحتمل ألّا يواكب بعض المسؤولين الحكوميين «رسالة الموسم الجديد» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالسرعة والدقة المطلوبتين، وإذا حدث ذلك فالعواقب عليهم لن تكون سهلة، وما حدث، أول من أمس، من إعلان نتائج أفضل وأسوأ مراكز خدمة أكبر مثال، خصوصاً أن هناك أساليب وطرقاً مختلفة ومتنوعة يمكن من خلالها قياس مدى تجاوب ومواكبة الدوائر الحكومية، والمسؤولين فيها، لمبادئ وتوجيهات الرسالة.

لذلك، فلاشك إطلاقاً في أن التوجيهات ستجد طريقها، عاجلاً أو آجلاً، للتنفيذ، لا خوف ولا قلق من هذا الأمر، فهكذا عوّدنا محمد بن راشد، فِعلُه دائماً يؤكد قوله، وأحياناً كثيرة يسبق قوله، ولكن الخوف والقلق الآن بدآ يتضحان من عدم تفهّم فئة من المجتمع لهذه الرسالة، ومحاولة استغلالها لممارسة ضغط، بل و«تنمّر» إن صح التعبير، على الجهات الحكومية والمسؤولين فيها، من خلال المبالغة في عرض الشكاوى، ومحاولة إثارة الرأي العام، وكسب التعاطف عبر برامج البث المباشر ووسائل التواصل الاجتماعي، هؤلاء في الغالب ينقلون نصف الحقيقة وأحياناً رُبعها، ويعرضون ما يثير عاطفة الناس والمتابعين فقط، ويتكتمون على بقية تفاصيل الحكاية، ما يؤثر سلباً في المجتمع، ويشوّه في الغالب صورة جهات حكومية وموظفين فيها، بسبب معلومات ناقصة أو كيدية!

نموذج «حمزة» أوضح مثال على ما أقصد، فمن استمع له وهو يبكي في برنامج البث المباشر لإذاعة عجمان، امتلأ غضباً وحنقاً على هيئة الصحة في دبي وموظفيها، هذا الغضب تحوّل في ساعات قليلة إلى رأي عام مُثار وهائج، وتعمّد الكثيرون نشر المكالمة للوصول بها إلى أعلى المستويات، لكن ما إن جاء رد هيئة الصحة حتى اتضحت الأمور ووضحت الرؤية، لنكتشف أن الخطأ كل الخطأ من «حمزة»، الذي ضرب وبكى ثم سبق واشتكى!

الغريب في الأمر أن مكالمة «حمزة» انتشرت بسرعة شديدة، وظهرت على شاشة كل هاتف متحرك، لكن مكالمة رد المسؤول في هيئة الصحة لم تلقَ حظها من الانتشار، ما يؤكد وجود رغبة عارمة في نشر كل ما هو سلبي ومثير للعواطف، ولست متأكداً إن كان ذلك يحدث بقصد أو من غير قصد!

الأكثر من ذلك، هو تجرّؤ البعض على «تزوير» قرار باسم الشيخ محمد بن راشد، عبر رسالة نصية تفيد بأن سموّه أمر بإيقاف المسؤول عن العمل، وإرسال «حمزة» في طائرة خاصة للعلاج، وهذه الرسالة من دون شك جريمة يعاقب عليها القانون، ففيها تزوير وتزييف وتطاول، فهل يدرك من كتبها حجم ما فعل؟ والسؤال الأهم هو: لماذا هذا «التنمّر» على الدوائر الحكومية؟!

بالتأكيد هناك مراجعون ومواطنون لديهم شكاوى وتظلمات هم مُحقون فيها، ولمثل هؤلاء خصّص الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم جزءاً كبيراً من رسالته، ولأجلهم شجّع الإعلام وبرامج البث المباشر على الاستماع لهم ونقل شكاواهم، ولهم أيضاً يطلق البرامج لتقييم مراكز الخدمة، ويتخذ الإجراءات الكفيلة برفع مستواها، وهو يحثهم دائماً على تقديم أفضل الخدمات للمراجعين والجمهور، لكن وجود نماذج أخرى تلوي الحقائق وتساعد على نشر السلبية في المجتمع، سيؤدي دون شك إلى الإضرار بأصحاب الشكوى الحقيقيين والجادين، وسيضر أصحاب المنطق والأسلوب الجيد في عرض الشكاوى دون مبالغة واستدرار للعواطف.

لا أحد ينكر وجود أخطاء في عمل الدوائر الحكومية، ولسنا أبداً ضد الشكوى على الدوائر، لكن لا يجوز أبداً التلاعب بالكلمات، ونقل نصف الحقيقة، وتأليب مجتمع كامل للفت الانتباه لشكوى شخصية. لقد رأينا جميعاً اهتمام الحكومة منقطع النظير بقضايا الناس، وحرصها على التسهيل عليهم ومعالجة مشكلاتهم، ألا يحتم ذلك على الجميع أن يتحلوا بالمسؤولية والصدق في الطرح ليحصلوا على ما يريدون!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر