كـل يــوم

120 ألف عملية جراحية و38 خطأً طبياً..

سامي الريامي

لسنا من الدول المتقدمة في المجال الطبي، هذه حقيقة يعلمها معظم المسؤولين، وهذا الأمر ليس عيباً، كما أنه ليس حكراً علينا بل على معظم دول العالم، إنما العيب في الإقرار بذلك دون التحرك ووضع الخطط والبرامج والاستراتيجيات لتطويره، ونحن في الإمارات لم نتجاهل ذلك الوضع، بل إننا أفضل بكثير من غيرنا، ولدينا من الإمكانات والتجهيزات وحتى الأطباء ما يجعل مستوى الخدمات الطبية والعلاجية في مستشفيات الدولة، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، مقبولاً إن لم يكن جيداً.

الطموحات أعلى بكثير مما هو عليه الوضع الراهن، هذا شيء مؤكد، وندرك تماماً أن هناك نواقص في الكوادر والكفاءات والمنشآت الطبية، وهناك قلة خبرة في بعض الأمراض المستعصية، لذلك فالدولة لا تبخل أبداً على صحة وعلاج مواطنيها، وهي تفتح لهم أبواب العلاج في الخارج متى ما احتاج الأمر، إلا أنه من الظلم أيضاً ألّا نعترف بوجود تقدم ملحوظ في الخدمات العلاجية المقدمة لكثير من الأمراض والحالات الصعبة، وهذه حقيقة قد لا يراها ولا يشعر بها كثيرون.

لا نختلف كثيراً على صعوبة تقبّل الأخطاء الطبية، فالخطأ الطبي يعني كارثة إنسانية تحل بشخص مريض، وتبعاتها دون شك تؤثر فيه وفي عائلته، إن لم يفقد الحياة أثناء الخطأ أصلاً، وتالياً فإن أي خطأ طبي أمر لا يمكن تقبّله عاطفياً وشعورياً، ولابد من اتخاذ إجراءات قانونية بحق المخطئ، وجنائية في حالة ثبوت وجود إهمال واضح وفاضح، ولكن ومع إيماننا بذلك فالأخطاء الطبية شيء لا يمكن القضاء عليه عالمياً، وهي تحدث في أكثر بلدان العالم تطوراً وتقدماً، وفي أفضل مستشفيات العالم، تختلف نسبة وقوعها من مكان إلى آخر، إلا أنها لن تختفي في يوم من الأيام.

وبناءً على معيار الأخطاء الطبية، يحق لنا أن نؤكد أن الوضع الطبي في الإمارات جيد، ففي دبي وحدها أجرت المستشفيات في العام 2018 الماضي، 120 ألف عملية جراحية مختلفة، بواقع 90 ألف عملية في مستشفيات القطاع الخاص، و30 ألف عملية في المستشفيات الحكومية، نجم عنها مجتمعة نحو 38 خطأً طبياً، ولم ينتج عن هذه الأخطاء أية حالة وفاة، وهذه النسبة مقارنة بإجمالي عدد العمليات الجراحية تعتبر زهيدة جداً لا تكاد تُذكر، كما أنها زهيدة حتى حسب المعايير والمقاييس العالمية، ما يعني أن الوضع العام غير مقلق إطلاقاً، ولا يحتمل المبالغات التي نسمعها من هُنا وهناك والتي تُسيء إلى الأطباء والمستشفيات وسمعتها ومكانتها.

لسنا الأفضل، وينقصنا الكثير، لكننا أيضاً لسنا سيئين، وكل ما نحتاجه هو العمل على إكمال النواقص، وجذب الكفاءات والكوادر الطبية المميزة، والصرف عليهم بسخاء أكثر، فالأطباء المتميزون يحتاجون إلى مزايا أكثر، لذا فمن الأفضل توجيه بنود ميزانيات الصحة لاستقطاب الكوادر الطبية، والاستغناء عن البنود الأخرى التي تُرهق الميزانيات وهي بعيدة تماماً عن العمل الأساسي للصحة، وهو تطوير المستشفيات والكوادر الطبية.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر