كـل يــوم

استغلال بشع لأصحاب الهمم..

سامي الريامي

نظّمت الدولة عمليات جمع التبرعات الخيرية والإنسانية، عبر قوانين وتشريعات صارمة، لضمان عدم إساءة استغلال هذه الأموال أولاً، وضمان وصولها لمستحقيها ثانياً، ما كان له أكبر الأثر في تنظيم هذا القطاع.

وضمان عدم الاستغلال لا ينطبق فقط على المال، بل إنه يتعداه إلى عدم استغلال الإنسان أيضاً بهدف جمع المال، وهذا ما يبدو واضحاً في كثير من الفعاليات والمواقف والصور ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث ركزت بعض الجمعيات الفردية على استغلال فئة أصحاب الهمم، وتحديداً الأطفال منهم، لكسب تعاطف الناس وجذب انتباههم واهتمامهم وعواطفهم للتبرع للجمعية، من دون مراعاة لحالة هؤلاء الأطفال الإنسانية أو أولياء أمورهم، وهو أمر يخلو دون شك من الإنسانية!

من حق الجمعيات والمراكز المهتمة بأصحاب الهمم أن تتلقى التبرعات الخيرية، إن كانت هذه المراكز تقدم خدمات خيرية مجانية، أو أنها تستخدم التبرعات بهدف التخفيف عن الحالات الصعبة غير القادرة على تحمل أعباء العلاج أو التعليم، لكن ذلك يجب أن يكون وفق معايير وأساليب مدروسة وغير مُهينة، ولا تُظهر هؤلاء الأطفال بصورة غير لائقة، كما أن عملية جمع التبرعات يجب أن تتم بصورة لائقة ومقبولة، وتحت إشراف الجهات المختصة في الدولة.

أما المراكز التي تُعنى برعاية أصحاب الهمم بمقابل مالي مدفوع من أولياء الأمور، فلا يحق لها أبداً أن تستخدم هؤلاء الأطفال وسيلةً لجمع المال، فهي لا تقدم لهم شيئاً مجانياً، وهي بذلك لا تحمل صفة الجمعية الخيرية أو الإنسانية، بل هي أقرب لأي مشروع تعليمي أو صحي ربحي لا أكثر، يتقاضى المال ويحقق الأرباح!

في الآونة الأخيرة انتشرت وسائل وأساليب جمع المال من هذه المراكز، التي تستغل أصحاب الهمم لجمع أموال التبرعات من جهة أخرى، وهي تستغل، من دون شك، طيبة وعاطفة الناس وأهل الخير من جهة، وقلة معلومات هؤلاء المتبرعين عن طبيعة عمل ونشاط هذه المراكز، وعدم تفريقهم بين المراكز الخيرية الإنسانية التي تعمل من أجل خدمة الأطفال أصحاب الهمم ومساندة ذويهم، وبين المراكز الربحية التي تقدم خدماتها بمقابل مالي يهدف إلى تحقيق ربح في نهاية كل عام!

لا يختلف أسلوبهم عن أي نشاط تسويقي لأي شركة أو بنك، عبر اتصالات متلاحقة للناس وفي مختلف الأوقات، يدعونهم للتبرع، ويستدرون عواطفهم عبر تذكيرهم بالأطفال أصحاب الهمم، أو عبر إعلانات وفعاليات مختلفة، يمنحون فيها البطولة في كل صورة أو فيلم للأطفال، ويتخذونهم جسراً لجمع الأموال، وهو بالتأكيد عمل غير إنساني.

بالتأكيد هناك مراكز وجمعيات خيرية وإنسانية عظيمة في عملها ونياتها، ولا يشكك أحد فيها، لكن الأمر يحتاج إلى تدخل تنظيمي حكومي لتمييز هذه المراكز عن غيرها، وللقضاء على النوع السيئ من هذه المراكز التي تستغل الأطفال وأصحاب الهمم بشكل لا إنساني.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه. 

تويتر