كـل يــوم

عالم الهجن ليس مجرد سباقات!

سامي الريامي

كثيرون قد يتساءلون عن سبب اهتمام قادتنا الفائق برياضة سباق الهجن، وعن السرّ وراء دعمهم المستمر لهذه السباقات، ووجودهم فيها بقوة في كل موسم، وتوفير وتقديم الجوائز والرموز للفائزين، ولكن من يقترب من هذه الرياضة لاشك أنه سيعرف الكثير من الأسرار التي كانت وراء استمراريتها وبقائها وتطورها عبر السنوات الماضية.

لاشك أن السبب الرئيس المعروف لدعم هذه الرياضة، هو كونها جزءاً لا يتجزأ من موروثنا الشعبي الثمين، وهي تاريخ عريق يضرب بجذوره عبر آلاف السنين، وهي عادات تعبّر عن القوة والرجولة والصبر، مارسها الآباء والأجداد، وتناقلتها الأجيال، والحفاظ عليها من الاندثار، في زمن التكنولوجيا والسرعة الفائقة، واجب علينا تجاه تراثنا وتاريخنا.

هذا سبب رئيس ووجيه، ولكن بالإضافة إلى ذلك، فهذه الرياضة تحديداً أصبحت تشكل نبض الحياة، ومصدر دخل لآلاف المواطنين، بل إنها أصبحت مصدر رزق رئيس ووحيد لعشرات الآلاف من الأسر داخل الدولة وخارجها، وفي مختلف أنحاء الوطن العربي والإسلامي، هؤلاء الآلاف من الأطفال والنساء والعائلات يعتمدون اعتماداً كاملاً على عمل معيليهم في الوظائف المصاحبة التي خلقتها هذه الرياضة وهذه المنافسات، وهي من دون شك متعددة وكثيرة، سواء في مجال التدريب أو التربية أو في مجالات أخرى مصاحبة.

ليس هذا فحسب، بل هناك اقتصادات كاملة تقوم على هذه الرياضة، وهناك تجارة تقدر بمليارات الدراهم سنوياً تُنعش هذه الاقتصادات، فعالم الهجن تحول إلى منصة اقتصادية مرتبطة بصناعات عدة قائمة عليه، منها ما يتعلق بالغذاء، ومنها ما يتعلق بالأدوية والعيادات البيطرية المتخصصة، ومنها ما هو مختص بصناعات الأجهزة والمعدات الخاصة بتدريب الهجن، وأخرى مرتبطة بالسباقات ذاتها، أو تلك المرتبطة بأماكن إقامتها، التي تُعرف عند أهل الهجن بالعِزب.

كثيرون لا يعرفون أن تجارة الهجن، التي تشمل بيع وشراء ذوات الأصول والتاريخ في الفوز بالسباقات، تصل إلى مليارات الدراهم سنوياً، ما يجعلها لا تقل عن أي صناعة أخرى، بل تتفوق بشكل كبير على كثير من القطاعات الاقتصادية والتجارية الأخرى.

وبالتالي فإن حجم الوظائف والموظفين، وحجم العمالة المرتبطة بعالم الهجن، وبنشاطاته المباشرة وغير المباشرة، كبير جداً، وحجم العائلات والنساء والأطفال المعتمدين اعتماداً كلياً في رزقهم على هذه الصناعة، يُقدر بعشرات أو مئات الآلاف، من دون مبالغة، فهل يتخيل أحد حجم الضرر الذي سيلحق بكثير من البشر، في الدولة وخارجها، في حالة تراجع الدعم والاهتمام بهذه الرياضة!

شيوخنا وقادتنا، حفظهم الله، رؤيتهم شاملة وحكيمة، ويهتمون بكل تفاصيل الحياة الكريمة لكل مواطن ومقيم على هذه الأرض الكريمة، لذا نجد اهتمامهم مضاعفاً بهذه الرياضة، ونجدهم يشاركون فيها، ويشجعون المواطنين للتنافس والمشاركة، ولا يبخلون بوقتهم وجهدهم ومالهم من أجل تنشيط الاقتصادات المرتبطة بعالم الهجن، كل ذلك لأنهم يريدون الحفاظ على مخزوننا التراثي العريق، والأهم أنهم يسعون للحفاظ على مصدر الدخل الوحيد لمئات الآلاف من البشر.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر