5 دقائق

خيرة وحيرة

عبدالله القمزي

يحدث كثيراً أننا نقع في حيرة من أمرنا، عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار الذهاب إلى مكان لقضاء وقت مع العائلة أو الأصدقاء، ونقع في حيرة أكبر عند الذهاب إلى متجر تمتلئ رفوفه بعشرات المنتجات المتشابهة شكلاً، والمتقاربة جودة.

نقع في حيرة حتى عند التسوق الإلكتروني (أمازون مثلاً)، فرغم عدم وجود شخص يشرح لنا خصائص المنتج، فإننا ندخل في دوامة الحيرة مجدداً، عندما نجد أكثر من منتج، لأن كل واحد منها تحمل صفحته عشرات الآراء من مشترين آخرين، وتتعمق الحيرة عندما تكون الآراء متناقضة حول منتج واحد.

أيضاً نقع في الحيرة، عندما نذهب إلى مطعم ونجد عشرات الخيارات في قائمة الطعام والمشروبات. الوقوع في الحيرة نتيجة كثرة المعروض أو الخيارات محل دراسات نفسية، ويصيب الإنسان بحالة من الشلل في آلية اتخاذ القرار.

من نتائج كثرة المعروض أن الإنسان يتخذ قراراً بعدم الشراء، أو العزوف عن الذهاب إلى أماكن عامة، لتجنب الوقوع في الحيرة، وهو شعور غير مريح يصيب الذهن بالتشتت. الإنسان بطبعه كائن يحب حسم الأمور بسرعة، فالوقوع في حيرة أمر لا يستهان به، وقد يحرم الشخص من النوم، ويضعف التركيز من كثرة التفكير في الأمر، والذي يتحول إلى سرحان أو أحلام يقظة.

عند الذهاب مع العائلة أو الأصدقاء، من الأفضل اقتراح مكانين أو ثلاثة كحد أقصى، وتترك لهم الخيار أو تساعدهم في اتخاذه. أما لو كنت وحدك، ووقعت في حيرة من كثرة الخيارات، فأفضل قرار هو الجلوس في البيت أو اللقاء في مجلس شباب، وهذا بالضبط ما أفعله حتى لا ينتهي بي الأمر متسكعاً في مركز تجاري بلا هدى، ولأني لا أحب الوقوع في حيرة حيال أمر ما، وأفضل اتخاذ القرار سريعاً.

كلما ازدادت الخيارات تطول عملية اتخاذ القرار، ويؤدي ذلك إلى بذل مزيد من الجهد لجمع المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار شراء منتج جيد، ولكن ينخفض مستوى القناعة لدينا إزاء المنتج، ويطل شبح الخوف من الندم بعد عملية الشراء.

التعب الجسدي يدخل، أيضاً، ضمن المعادلة، فعندما تكون مجهداً فإنك تخزن طاقتك وتتخذ قرار الشراء بناء على عامل واحد هو السعر (يعني هدفك الانتهاء بسرعة والمغادرة)، بدلاً من النظر إلى مميزات المنتج. أو عندما تذهب لشراء ملابس وأنت مجهد وتحيرك الطرازات، فإنك تختصر كل العملية باختيار الطراز الدارج، رغم أنك قبل حالة التعب ربما كانت نيتك النظر في الطرازات الأخرى.

بالعربي: من المفيد قتل الحيرة قبل أن تبدأ، حتى لا تأكل وقتك ووقت غيرك، فلو كنت في مطعم مع العائلة درب من معك على تحديد ما يريدون تناوله، أما الأطفال فأعطهم خيارين فقط ودعهم يختارون منهما. عند الذهاب إلى متجر من الأفضل تحديد ميزانيتك، ثم حصر نفسك في نوعين من المنتج، لو كانت الخيارات الأخرى مشابهة. أثبتت الدراسات أن فرضك قيوداً على نفسك في عملية الاختيار، يساعدك في الوصول إلى قرار به قدر من الإبداع.

نقع في حيرة من أمرنا، عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار الذهاب إلى مكان، لقضاء وقت مع العائلة أو الأصدقاء. عبدالله القمزي

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر