5 دقائق

سانتا كلوز يجمع التبرعات

الدكتور علاء جراد

الصورة الذهنية لسانتا كلوز (بابا نويل)، في الغرب، عبارة عن رجل بلحية بيضاء، وبدلة حمراء زاهية، يطوف بعربته الشهيرة التي تجرها حيوانات الرنة، ويقوم بتوزيع الهدايا في ليلة عيد الميلاد أو الكريسماس، في المجتمعات الغربية، وبعض الدول العربية. هذا العام في بعض مدن وقرى بريطانيا، قام سانتا كلوز بالمرور على المنازل، وفي يده دلو يجمع فيه التبرعات لاستكمال بعض المشروعات التي تخدم المجتمع المحلي. وعلى الرغم من أن هذه الممارسة جديدة وغير مألوفة، فإن الناس أقبلت على التبرع وبسخاء وتم إعلان قيمة التبرعات، وكانت بالفعل مبالغ كبيرة.

ما يلفت الانتباه هنا هو مدى وعي الناس بأهمية العمل الخيري والمساهمة المجتمعية، حيث يشارك الناس جميعاً الغني والفقير وعن طيب خاطر، حيث يتم تأسيس ودعم الكثير من المؤسسات التي تقدم خدمات مجتمعية، وليس فقط عن طريق سانتا كلوز، ولكن كلما كان هناك جمع تبرعات فالكل يساهم، وتعلن حصيلة التبرعات، وللجميع الحق في معرفة أوجه الصرف بالتفصيل. وعلى الرغم من أن بريطانيا تعد من أقوى اقتصادات العالم، فإنه لا غنى عن المساهمة المجتمعية، حيث تلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً حيوياً في الحياة الاقتصادية، التي تقسم إلى ثلاثة قطاعات: القطاع الخاص، والقطاع العام، والقطاع الثالث الذي يشمل مؤسسات النفع العام والمجتمع المدني. ويتم تمويل الكثير من المشروعات عن طريق التبرعات والمساهمات الفردية والمؤسساتية. وبالنظر لعالمنا العربي نجد أنه توجد مثل تلك المساهمات، لكن ليست بتلك الغزارة والحجم، وغالباً تكون موسمية، ويبدو أن الموضوع له جذور ثقافية فهناك المثل الشعبي الشهير الذي مفاده أن الحاجة الشخصية أولى وأهم من الحاجة العامة، فـ«البيت أولى من الجامع»، وللأسف هذه النظرة القصيرة الأجل والذاتية تؤثر سلباً في العمل العام، وتتسبب في ضياع الكثير من الفرص.

هناك حاجة ماسة وملحة لزيادة الوعي في المجتمعات العربية بأهمية العمل العام، والمساهمة المجتمعية، سواء بالمال أو المجهود أو التبرعات العينية، فالحكومات تحتاج إلى دعم ومساعدة المجتمع، فاليد الواحدة لا يمكن لها التصفيق، ومن ناحية أخرى يتوقع الناس الشفافية الكاملة، ومعرفة أوجه الصرف حتى تكون هناك ثقة متبادلة، ولا يبخل المجتمع عن المساهمة والنهوض بالمشروعات التي تعود بالنفع على الجميع، خصوصاً أننا لازلنا في عداد الدول النامية وبحاجة للعمل معاً للحاق بركب الدول المتقدمة، كما أن هناك حاجة لغرس هذا الوعي وتعزيز تلك الثقافة في المناهج التعليمية بمراحل التعلم كافة، خصوصاً المرحلة الابتدائية.. وكل عام وأنتم بخير وعام سعيد على الجميع!

• «هناك حاجة ماسة وملحة لزيادة الوعي في المجتمعات العربية، بأهمية العمل العام، والمساهمة المجتمعية، سواء بالمال أو المجهود أو التبرعات العينية».

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. 

تويتر