5 دقائق

ماذا لديهم وليس لدينا!

الدكتور علاء جراد

هل تعرف شخصاً في محيط أسرتك أو أصدقائك يدرس بالخارج؟ الإجابة بكل تأكيد نعم، وإن لم يكن في دائرة علاقاتك المباشرة فسيكون في دائرة المقربين منك، فهناك مئات الآلاف يسافرون كل عام لدول أجنبية للدراسة أو التدريب، وتأتي على رأس القائمة الولايات المتحدة تليها بريطانيا، وقد دخل لاعبون جدد للساحة، مثل كوريا والصين وسنغافورة وبولندا، والكثير غيرهم، وإذا استبعدنا عامل الكُلفة فما الأسباب التي تدفع الطلاب وأولياء أمورهم للركض نحو الغرب لتلقي التعليم الجامعي خصوصاً الدراسات العليا؟ أتصور أن الإجابة هي جودة التعليم وسمعة هذه الدول، وبالطبع فذلك يسهم بقدر كبير في الحصول على وظيفة مرموقة أو ترقي المناصب الرفيعة. إذا كانت جودة التعليم وسمعته هما الدافع إلى السفر للولايات المتحدة وبريطانيا، لماذا لا نستطيع «تجويد» تعليمنا وتطوير مؤسساتنا الأكاديمية حتى تستوعب أبناءنا وتعود هذه الاستثمارات على اقتصاداتنا المحلية؟ ما الذي تمتلكه مؤسسات التعليم العالي في تلك الدول ولا تمتلكه مؤسساتنا الوطنية؟

لقد عملت في جامعات مختلفة منها الأسترالية والبريطانية والمحلية، وقد وجدت أنه ليس هناك أي إعجاز أو شيء فوق العادي يمتلكونه ولا نمتلكه، لديهم أساتذة ولدينا أساتذة بل إن الكثيرين من أساتذتهم هم من العرب، ولديهم مختبرات ولدينا مختبرات ولديهم مناهج ومبانٍ ولدينا مثلها، ولكن هناك أشياء لديهم وليست لدينا، أهمها الاهتمام الحقيقي والاستثمار في البحث العلمي بمليارات الدولارات ومهما كانت الظروف الاقتصادية، لأنه ببساطة هذا الاستثمار كفيل بتحسين الظروف الاقتصادية، ويكفي أن نعرف أن ستة من الأدوية الـ10 الأكثر مبيعاً في العالم تم إجراء أبحاثها وتركيبها في جامعة كامبردج، وأن وحدة بحثية صغيرة في الجامعة تدر دخلاً يزيد على 60 مليون جنيه إسترليني سنوياً.

لديهم شيء آخر مهم وهو «النزاهة الأكاديمية»، فأستاذ الجامعة لا يطلب ولا يقبل هدايا أو أي خدمات من أي نوع من طلابه، ولا يمكن تحت أي ظرف أن يميز طلابه عن طلاب غيره في تقدير العلامات، وقد لاحظت في الإشراف المشترك أنني كثيراً ما كنت أعطي الطالب درجة أكبر من التي يعطيها له مشرفه المباشر. ثالثاً لديهم انفتاح ورغبة شديدة في التعلم، ولا توجد المنافسة الشرسة، فكل الجامعات تستعين بأعضاء تدريس من الجامعات الأخرى لمراجعة نتائج الامتحانات وتقييم أداء الأساتذة في الجامعة المضيفة، ولا يمكن أن يتم إعلان نتائج الامتحانات قبل وصول تقرير المراجعين الخارجيين من الجامعة الأخرى. فكرت في كل ما لديهم ومازلت لم أجد شيئاً واحداً لا نستطيعه باستثناء الإخلاص في العمل.

إذا كانت جودة التعليم وسمعته هما الدافع إلى السفر للولايات المتحدة وبريطانيا، لماذا لا نستطيع «تجويد» تعليمنا وتطوير مؤسساتنا الأكاديمية حتى تستوعب أبناءنا.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه. 

تويتر