كـل يــوم

الفحص الطبي الدوري للمواطنين لماذا لا يصبح إلزامياً؟!

سامي الريامي

«الوقاية خير من العلاج»، مجرد قول حفظناه منذ الصغر، نردده كثيراً، ونستخدمه كثيراً، لكن أغلبنا لا يفكر أبداً في قوة تلك الكلمات البسيطة، ولا يطبق معناها في الواقع العملي وفي الحياة، في حين أننا لو أدركنا هذا القول معنًى، وطبقناه عملاً، لاختلفت أمور كثيرة، وتغيرت أمور كثيرة، ووفرت الدولة كذلك أموالاً كثيرة هي في الواقع مليارات من الدراهم.

أبسط تطبيق لقول الوقاية «خير من العلاج» هو الحرص على الفحص الطبي الدوري الشامل، وذلك لرصد أي مرض قبل استفحاله، خصوصاً تلك الأمراض المستعصية والخبيثة، والتي تفتك بالإنسان في غضون أشهر قليلة، إن لم تكن أياماً، في حالة اكتشافها متأخراً، فكم هم المواطنون الذين يحرصون على إجراء فحص دوري شامل في كل عام مرة على أقل تقدير!

هي ثقافة عامة، هذا صحيح، لكنها في الإمارات ثقافة غائبة تماماً، والسواد الأعظم من المواطنين لا يهتم بها ولا يطبقها، وهذا ليس افتراء بل هي الأرقام التي تثبت ذلك، فنسبة المواطنين الذين يحرصون على إجراء فحوص طبية بشكل مستمر سنوياً 15% فقط، في حين نجد دولة مثل سنغافورة تتجاوز فيها نسبة المواطنين الذين يجرون فحوصاً طبية سنوياً 85%، فهل نترك الموضوع لرغبة ومزاج وثقافة الناس، أم لابد من بعض الإجراءات لتحويل هذا الأمر من موضوع هامشي اختياري لا أهمية له عند 85% من مواطني الإمارات، إلى موضوع مصيري مهم لوقاية الناس من الأمراض أولاً، ولإيقاف نزيف المليارات على العلاج في الخارج والداخل من أمراض مستفحلة وخطيرة، تأتي في الغالب بمراحلها المتأخرة؟!

الإمارات كحكومة لن تعجز عن توفير العلاج لمواطنيها، ولن تعجز عن تطوير المستشفيات والقطاع الصحي بشكل عام، وهي أنفقت منذ عام 2012 إلى هذا العام، أكثر من 22 مليار درهم على هذا القطاع، ومن ضمن هذا الرقم، من دون شك، مليارات أُنفقت على العلاج خارج الدولة للحالات المرضية الصعبة، وهي مستمرة دون شك في توفير هذه الخدمات، فالقصة ليست في الإنفاق الصحي، والأمر ليس مالياً فقط، لكنها الصحة العامة وروح الإنسان اللتان لا تعادلهما أموال الدنيا، ومن يجد نفسه فجأة في مواجهة مباشرة مع الموت، لاشك أنه سيندم أشد الندم، كونه لم يلتفت يوماً لرصد كل التفاصيل الصحية الصغيرة والكبيرة في حياته، وكان سيتمنى لو أنه بذل جهداً بسيطاً، وأجرى فحوصاً لا تتعدى ساعة من الوقت، لينقذ بها نفسه من براثن مرض خطير تحكم به وبكل جزئيات جسده!

التوعية غير كافية لنشر هذه الثقافة، هذا ما أثبتته السنوات الماضية، ويبدو أن الفحص الطبي لابد أن يصبح إجبارياً على جميع المواطنين، فهو المنقذ لهم، وفيه كثير من الفوائد للمواطنين وللدولة، لذا من غير المعقول الاستمرار في جعله رهيناً لأمزجة الناس ومستوى ثقافتهم، في حين أنهم هم الخاسرون جراء تجاهله، فما المانع من بدء الخطوات العملية لإلزامية الفحص الطبي الدوري الشامل لجميع مواطني دولة الإمارات؟!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر