5 دقائق

التفكير السريع والتفكير البطيء

الدكتور علاء جراد

لا يمر يوم أو ربما ساعة دون أن يأخذ الإنسان قراراً، سواء قرارات متكررة مثل شرب الشاي أو القهوة، أو سلوك طريق ما أو مشاهدة أي قناة، وانتهاءً بالقرارات الاستراتيجية المتعلقة بالوظيفة أو الحياة الأسرية أو المشروعات الكبيرة، بالطبع من الرائع معرفة كل المعطيات التي تساعد في اتخاذ القرار، ولكن للأسف لا تتوافر تلك المعطيات دائماً، وبالتالي فالقرار مشوب بعدم الوضوح، ولذلك تحتاج القرارات إلى تفكير ودراسة البدائل حتى تكون القرارات عقلانية وليست عاطفية مبنية على دوافع شعورية مؤقتة، فالقرارات اللاعقلانية والمرتبطة بدفقة عاطفية أو شعورية غالباً ما تؤدي إلى نتائج سيئة وقد تكون كارثية، خصوصاً عندما يكون للقرار تأثيرات كبيرة في الآخرين.

الكثير من الأمور المتعلقة باتخاذ القرارات وأنواع التفكير أثناء صنع القرار هي محور كتاب لا غنى عنه لمن يرغبون في التطوير والتحسين، مؤلف هذا الكتاب هو «دانييل كانمان» الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، على الرغم من أنه متخصص في علم النفس، ولكن أبحاثه كان لها تأثير كبير في تعلم منظومة اتخاذ القرار لدى صانعي السياسات والاقتصاديين، وقد خلص كانمان الى نظامين في التفكير، النظام الأول سماه التفكير السريع وفيه يتسم المرء باتخاذ قرارات فورية وتلقائية ودون وعي، كأن تقرر عدم تعيين موظف في مقابلة لمجرد أنه خريج جامعة معينة، أو من خلفية ثقافية معينة لا تتفق مع اتجاهاتك مع أن المتقدم قد يكون هو الأنسب تماماً من بين كل المتقدمين، ولكن بسبب اتخاذ القرار بناء على التفكير السريع لم يتم إعطاء المتقدم الفرصة العادلة. أما النوّع الثاني من التفكير فيتسم بالعقلانية والمنطق وفيه يحتاج الشخص إلى الوقت للدراسة والتحليل ويسمى التفكير البطيء، السبب في الاتجاه دائماً الى التفكير السريع هو السهولة والتلقائية لأن الإنسان غالباً ما يفضل الراحة وعدم بذل المجهود، خصوصاً في التفكير، لذلك نجد القليل من الناس يحب الرياضيات ويستمتع بحل العمليات الحسابية.

من المهم توضيح أنه ليس الغرض هنا هو تفضيل نوع من التفكير على نوع آخر، فليس التفكير البطيء أفضل من السريع ولكن المشكلة تكمن في استخدام النوع الخطأ في الموقف، فمثلاً إذا كنت تعبر الشارع وشاهدت سيارة مسرعة فلابد أن تأخذ قراراً سريعاً؛ إما بالعودة للوراء سريعاً أو التقدم للأمام سريعاً لتفادي السيارة، وكذلك يفعل لاعب كرة القدم أثناء المباراة، حيث يلجأ للتفكير السريع دائماً، وكذلك الطبيب في غرفة العمليات. أمّا في القرارات المصيرية فلابد بالطبع من التأني والتفكير جيداً.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

«ليس التفكير البطيء

أفضل من السريع،

ولكن المشكلة تكمن

في استخدام النوع

الخطأ في الموقف».

تويتر