5 دقائق

«التعلم المؤسسي هو أساس النجاح والميزة النسبية المستدامة»

الدكتور علاء جراد

في بعض الأحيان قد نحاول حل مشكلة ما، لكن يأتي الحل بمشكلة جديدة أو يؤدي إلى تعقيد الوضع القائم وتفاقم الأزمة، وكما نقول يزداد الطين بلة. وهناك الكثير من الدروس والعبر في التاريخ، ومنها موضوع تأثير الكوبرا، وتعود القصة لفترة الاحتلال البريطاني للهند، ونظراً إلى جغرافيا وبيئة الهند، فقد كانت الحقول والغابات مليئة بأفاعي الكوبرا السامة، ويبدو أنها لم تكن تشكل قلقاً للسكان لكنها كانت تؤرق الجنود الإنجليز، وهنا أتى الحاكم الإنجليزي بحل بدا أنه ذكي وسريع، وهو أن يستعين بالسكان المحليين في القضاء على الكوبرا، حيث تم رصد مكافأة مالية لكل شخص يأتي بكوبرا ميتة، وبالفعل سارع الأهالي إلى قتل الكثير من الكوبرا، ولكنهم اهتدوا إلى طريقة أقل مجهوداً وخطورة، وهي تربية الكوبرا في البيوت والمزارع ومن ثم قتلها وتقديمها للحصول على المكافأة، حتى أصبحت تجارة رائجة ومربحة للأهالي، وعندما اكتشف الحاكم الخدعة تم وقف المكافأة فوراً، وبناء عليه قام الأهالي بإطلاق ما لديهم من الكوبرا في الحقول، فعادت المشكلة للتفاقم أكثر مما كانت عليه، من هنا أصبح مصطلح «تأثير الكوبرا» يطلق على الحلول التي تأتي بأثر عكسي أو تزيد المشكلة.

إن حل المشكلات وما يصاحبها من اتخاذ قرارات، له طرق وأساليب علمية متعددة، تسهم في تقليل الآثار العكسية، ومن أهم تلك الأساليب التعلم من الآخرين أو ما يطلق عليه «المقارنات المرجعية»، حيث يتم الاطلاع على كيفية تعامل جهات أخرى مع المشكلة نفسها، ودراسة الطريقة المستخدمة، ومن ثم تعديلها بما يتماشى مع البيئة التي بها المشكلة، وقد يتم ذلك من خلال البحث والدراسات النظرية، أو من خلال تبادل الزيارات الميدانية، وممكن تطبيق ذلك سواء بالمؤسسات صغيرة الحجم أو الدول. وقد أفاد رئيس وزراء ماليزيا، الدكتور مهاتير محمد، وباني نهضتها، بأنه في بداية رئاسته للوزارة اتجه إلى التعلم من اليابان، وقال: «في البداية كنا ننسخ ونقلد ما تفعله اليابان، حتى بدأنا نتعلم طريقتنا الخاصة، وطورنا أساليبنا التي تتماشى أكثر مع ماليزيا، والنتيجة الآن أن ماليزيا تعتمد على منتجاتها، ويشكل التصدير أكثر من 80% من دخلها القومي، وارتفعت مؤشرات التعليم، كما تضاعف دخل الفرد أكثر من سبع مرات، بعد أن كان 53% من شعبها تحت خط الفقر».

إن التعلم المؤسسي أساس النجاح والميزة النسبية المستدامة، وللتعلم المؤسسي العديد من الأساليب والطرق، ومنها ما يطلق عليه الآن «الإبداع المفتوح»، حيث تقوم المؤسسة بإشراك كل المعنيين في الإسهام برأيهم وأفكارهم في سبيل التحسين والتطوير.

@Alaa_Gara

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر