كـل يــوم

المرضُ ليس مخالفةً تستحق العقوبة!

سامي الريامي

لا يمكن توحيد القوانين، وتعميم الأحكام على الجميع بالصيغة نفسها، والحُكم نفسه، في الحالات المرضية تحديداً، فالحالات لا تتشابه، والظروف تختلف كثيراً بين مريض وآخر، أو بين مرافق مريض وآخر، لذلك من الصعوبة بمكان تطبيق قانون موحد للموارد البشرية بشأن الإجازة المرضية، أو بشأن استمرارية منح الراتب من عدمه للمرضى والمرافقين، والكيفية التي يتم استقطاع الرواتب بها، أو إيقاف الراتب في نهاية المطاف!

بداية.. يجب أن نقرّ ونعترف بأن الظروف المرضية هي ظروف قاهرة خارجة على إرادة أي موظف، قد تطول فترة معالجتها أو تقصر، والأمر هُنا ليس بإرادة المريض أو مزاجه، إنما هو أمر يقرره الأطباء وحدهم، سواء كان هؤلاء الأطباء داخل الدولة أو خارجها، لذا من الصعب جداً، ومن غير المنطقي أن يحدد القانون فترة محددة لصرف راتب الموظف، فإن تجاوزها تبدأ عملية استقطاع نصف الراتب، ومن ثم إيقاف الراتب بشكل كامل بعد انقضاء الفترة الثالثة، كأن القانون يعاقب الموظف هنا أو مرافقه على مرضه وظروفه العلاجية! وكأن المريض هو المسؤول عن ذلك المرض، أو بيده إنهاؤه متى ما أراد ليعود إلى وظيفته! أو أنه ارتكب مخالفة بمرضه يستحق عليها عقوبة قطع الراتب عنه!

قانون الموارد البشرية المتعلق بالإجازات المرضية يحتاج فعلاً إلى إعادة نظر، وإلى مراجعة وتعديل، ويحتاج المشرّع إلى أن ينظر إلى المريض أو المرافق بعين إنسانية، وفقاً لظروف كل حالة، لأن هناك شريحة من الموظفين المصابين بأمراض خطرة، أو الموظف الذي يعاني أحد أبنائه مرضاً خطراً، هؤلاء حالاتهم تستدعي مكوثهم لأشهر طويلة خارج الدولة، وهناك جهات رسمية في الدولة تشرف على علاجهم، هم الآن يواجهون مشكلة معقدة وصعبة جداً، حيث يتم حصر فترة العلاج، أو المرافقة، بمدة زمنية قصيرة، قبل أن تبدأ إجراءات استقطاع نصف الراتب، ومن ثم الوصول إلى إجراء إيقاف الراتب كاملاً، وهذا الأمر يجعل المريض، أو المرافق، أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن يستمر في العلاج، أو يستمر المرافق في مرافقة مريضه، ويخسر راتبه، ليتضاعف الضرر من مرض وحزن وحالة نفسية صعبة، إلى ضرر شخصي وعائلي على المرافق وأسرته، أو يتخذ القرار الثاني، وهو قطع فترة العلاج رغم الحاجة الطبية إلى ذلك، والعودة فوراً مع تعريض حياته للخطر، وكلا القرارين صعبٌ ومرّ!

المرض العضال شيء صعب، والمصاب به لم يذهب إلى خارج الدولة للتنزه أو السياحة، وهو يعاني ويتألم أصلاً بسبب وجوده خارج الدولة، ويتمنى أن يرجع إلى وطنه عاجلاً وليس آجلاً، لكنه لا يملك من أمره شيئاً، وهو مضطر ومجبور وليس بطلاً، لذلك من غير المنطقي إيقاف راتبه بأي حال من الأحوال، لأن ذلك قد يؤدي به إلى السجن، وهذا حصل مع بعض الحالات، حيث إن إيقاف الراتب يعني إيقاف الدفعات الشهرية المستحقة لهذه الحالات للبنوك في حالة وجود قرض ما، والبنك بدوره يفتح بلاغاً على هذا المريض الموجود خارج الدولة، وبذلك يصبح المريض في قائمة المطلوبين ويعمّم عليه، وتالياً قد يتحول من المطار إلى أقرب توقيف في حالة رجوعه إلى الدولة، فهل هذا أمر مقبول؟!

قد يرى البعض أن هناك موظفين متلاعبين، يستغلون المرض، لا ننكر وجود حالات من هذا النوع، لكن هؤلاء يسهل اكتشافهم، والجهات الرسمية التي تشرف عليهم تستطيع التأكد من صدقية كل حالة، ومن أحقية كل حالة للعلاج الطويل من عدمه، لذا من غير المنطقي التعميم على الجميع بسبب ظهور حالات قليلة تحججت بالعلاج، وليس من العدل المساواة بين جميع المرضى، بغض النظر عن حالاتهم ودرجة خطورتها في قانون واحد يشمل الجميع!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر