5 دقائق

مقالات العصر

عبدالله القمزي

أنواع معينة من المقالات هي التي تجذب انتباه القارئ، تعتمد على الفكرة وأسلوب الكاتب، فعندما يكتب المقال بحدة تشعر معها بأنه يصرخ، يجذب عدداً من القراء حتى لو لم تكن فكرته واضحة.

وهناك الذي يتعمد إثارة قضية جدلية يبدي وجهة نظره فيها رغم علمه أن رأيه لا يحمل أي وزن، وهو نفسه لا يفهم بالضرورة ما يتحدث عنه، ثم يأتي نوع ثالث وهو الذي يستغل قضية معينة غير طارئة محل اهتمام عدد كبير من الناس ويناقشها مقترحاً مطالب قد لا تكون بالضرورة حلولاً.

الأنواع الثلاثة موجودة كما هي في الصحف، لكن تطورت الوسيلة وأصبحت فيديوهات «السوشيال ميديا» هي مقالات العصر، تفتح فيديو لتستمع إلى وجهة نظر الشخص، وتعيد إرسال الفيديو سواء اتفقت أو اختلفت معه.

سبب إرسالك الفيديو للآخرين إن اتفقت معه أنك تريد نشر وجهة نظرك وتنقض الرأي الآخر، وسبب إرسالك لو اختلفت معه لأنك تريد تأليب وجهة نظر مضادة. السبب الثالث لإرسالك الفيديو في حال الاتفاق والاختلاف هو سهولة فعل ذلك بكبسة زر، بفضل الوسيلة التي بين يديك والمنصة المتاحة لتشغيل الفيديو.

مقالات العصر تقع في مثل الخانات الثلاث لمقالات الصحف، الفرق أن الصحافة الورقية غير متاحة للجميع، وعندما تحولت إلكترونية ظهرت المدونات ودخل عدد أكبر من الكتاب إلى المجال، لكن اختراع «السوشيال ميديا» فتح الباب على مصراعيه لكل مهرج وصعلوك أو انتهازي وباحث عن شهرة ليدلوا بدلوهم.

نبقى مع الأنواع الثلاثة، مثال النوع الأول: قضية تعدد الزوجات تثير الجدل بين الرجال والنساء، ونجد من يصنع فيديو ليتحدث فيها وينتقل إلى موضوعات أخرى لا علاقة لها بالقضية الأصلية، ما يطول الفيديو لأكثر من 10 دقائق، فضلاً عن الإعادات الكثيرة لبعض الحقائق والجمل، وأحياناً يصل مقطع صوتي لامرأة تتحدث عن أفضال التعدد من تجربتها الشخصية، وتجد الجميع يتداوله عبر «الجروبات» نساء ورجال سواء اتفقوا أو اختلفوا معه.

صانع الفيديو وصاحبة المقطع الصوتي وغيرهما ليسوا شخصيات مهمة، لكنهم استغلوا موضوع التعدد والوسيلة التقنية المتاحة بحثاً عن الشهرة.

النوع الثاني: فيديو لشخص (شاب أو فتاة) يصرخ وينتقد ويشتم. صحيح يشتهر بسرعة لكن تستدعيه النيابة في اليوم التالي.

النوع الثالث: يخرج شخص بفيديو يطالب بمجانية خدمة معينة أسوة بدول أخرى، الأسلوب نفسه تماماً، استغلال قضية عامة وتوظيف التقنية لتبني ونشر مطلب عام، وهدفه الأساسي ليس تحقيق المطلب بقدر ما هو البحث عن شهرة يؤمن بأنه يستحقها، وكله عن طريق إعادة الإرسال و«ريتويت» ويصبح حديث المجالس.

بالعربي: كلنا لنا مطالب ولسنا بحاجة لمن يتبناها في «السوشيال ميديا» من قبل أشخاص غير مسؤولين، لا يهمهم شيء سوى شهرة مقابل شيء رخيص جداً هو الكلام. «السوشيال ميديا» منبر بحاجة إلى تنظيم وضبط مثل ما نُظمت وسائل الإعلام التقليدية ومنابر المساجد، وكل ما يجذب الجماهير، لأنها مصدر معلومات وشائعات، ثقافة وتفاهة، أخبار وأكاذيب، ولأنها تتمتع بقدر هائل من السيطرة على عقول الناس.

اختراع «السوشيال ميديا» فتح الباب على مصراعيه لكل مهرج وصعلوك أو انتهازي وباحث عن شهرة ليدلوا بدلوهم.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر