5 دقائق

أوباما.. ترامب.. والتاريخ

عبدالله القمزي

عندما وصل المندثر باراك أوباما إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، قبل عقد من الزمان، تم تقديمه للعالم كرئيس صنع التاريخ، كونه الأول من أصول إفريقية يعتلي أرفع منصب في الولايات المتحدة الأميركية.

وتم تقديمه في العالم العربي كرئيس جاء لإصلاح العلاقات مع العالم الإسلامي، بعد أن عكّرتها الحرب على الإرهاب، ووصل الأمر إلى درجة أن البعض في الصحف تفاءل خيراً بذلك الرئيس، وسمّاه باسمه الثلاثي: باراك حسين أوباما.

حاز أوباما في أكتوبر 2009 جائزة «نوبل» للسلام، نظراً لجهوده في تقوية الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب، لكنه لم يكتفِ بذلك، بل سعى يبحث عن التاريخ ومجد مفقود.

التاريخ الذي أراده أوباما شهد أنه الأضعف في أميركا الحديثة، بل وأضعف من جيمي كارتر، وتصادف أن الاثنين تعرضا لإهانات من الجمهورية الخمينية المارقة. كارتر أهين في أزمة رهائن السفارة الأميركية عام 1979 ولم يفعل شيئاً، وأوباما أهين بحّارته أمام العالم، وتفاخر بأنه لم يفعل شيئاً.. من أجل التاريخ!

• حاول أوباما صنع التاريخ، لكن الأخير خاصمه، بسبب جهله بالسياسة وتركه يتخبّط.

حاول أوباما صنع التاريخ، لكن الأخير خاصمه بسبب جهله بالسياسة، وتركه يتخبّط، فتارة يطرق أبواب جمهورية خميني، وتارة أخرى يطرق أبواب جاره فيديل كاسترو! ماذا يريد؟ أي شيء ليقول إنه صنع التاريخ!

شهد التاريخ إخفاقات أوباما على الساحة الدولية، نظراً لانعدام الحنكة السياسية، فتلاعب به القيصر الروسي فلاديمير بوتين في سورية، وجعله يرسم خطوطاً حمراء واحداً تلو الآخر، وأصبحنا ننام ونستيقظ على خطوط وَهْم، كان من المفترض أن ترعب النظام السوري من مغبة استخدام السلاح الكيماوي.. لكنها أضحكته!

ولأن الرئيس ضعيف، انعكس ذلك على وزير خارجيته الذي زلّ لسانه في مؤتمر صحافي، فتسلّم الرفيق سيرغي لافروف الكرة، وأخذ يراوغ الوزير جون كيري بالكلمات والتصريحات إلى درجة المهزلة السياسية، وأوباما سعيد ويتفاخر بذلك!

فترت علاقة أوباما بالحلفاء التقليديين في الخليج العربي بسبب تحيّزه لجمهورية الخميني، وإخفائه تفاصيل اتفاق الطامة النووي عن الدول المتضررة من البرنامج الإيراني.. كل هذا من أجل التاريخ!

شعرت الدول الخليجية، باستثناء تنظيم الحمدين في شرق سلوى، بالقلق من التقارب بين واشنطن وطهران ودعم أميركا أوباما لإيران في قضية النووي، ما ترتب عليه تضاؤل دور واشنطن الإقليمي لصالح إيران، خصوصاً في سورية والعراق واليمن وليبيا.

في هذه الأجواء حدث الانقلاب، وجاء الرئيس دونالد ترامب على أكتاف الأميركيين الشعبويين. موضوع نتركه للأسبوع المقبل.

بالعربي: كقائد سياسي، كان أوباما كارثة على الحزب الديمقراطي. منذ بدء ولايته في 2009، فقد 1100 ديمقراطي مقاعدهم في الكونغرس من قبل الجمهوريين، وفقد الديمقراطيون أغلبيتهم في الكونغرس بغرفتيه النواب والشيوخ. وفي يناير 2017، كان هناك 18 حاكماً ديمقراطياً فقط من 50، و31 هيئة تشريعية ديمقراطية للولايات من أصل 99. بعد ثمانية أعوام عجاف من الحقبة «الأوبامية»، كان الحزب الجمهوري أقوى من أي وقت مضى منذ عشرينات القرن الماضي، بينما الحزب الديمقراطي في حالة تمزّق شديدة.. والتاريخ يشهد.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر