5 دقائق

من كثر كلامه قلَّ فعله

الدكتور علاء جراد

توجد كثير من العادات الشخصية التي لها تأثيرات سلبية جسيمة في الشخص، سواء من حيث علاقته بالآخرين أو من حيث تقدمه ونجاحه في العمل، بل وفي الحياة الأسرية. ومن ضمن هذه العادات كثرة الكلام، فالبعض ربما دون أن يدرك عبارة عن «ماكينة كلام»، حيث يقضي معظم وقته في الكلام، سواء أثناء اللقاءات مع الآخرين أو على الهاتف أو على وسائل التواصل، خصوصاً الـ«فيس بوك»، وقد يكون موضوع النقاش من الممكن أن ينتهي في ثلاث دقائق، لكنه يستغرق ثلاث ساعات.

«شريحة كبيرة ممن

يتكلمون كثيراً يعتبرون

أنفسهم محور العالم،

فكل الحديث عن حياتهم

ومشكلاتهم وما يمرون

به من أحداث».

وتوجد شريحة كبيرة ممن يتكلمون كثيراً يعتبرون أنفسهم محور العالم، فكل الحديث عن حياتهم ومشكلاتهم وما يمرون به من أحداث، فلا تستطيع التنفس أو الرد أثناء الحديث معهم، وإن واتتك الفرصة لالتقاط خيط الحديث فلا يمكن أن يتركوا لك هذا الخيط أكثر من ثوانٍ معدودات، ليعيدوا خطف دفة الحديث والبدء من جديد.

لقد حذّر الكثير من الحكماء من كثرة الكلام، فهي تؤدي إلى كثرة السقوط، وكثرة الأخطاء، بل وتؤدي إلى قلة هيبة الإنسان، والكثير من النتائج الوخيمة، ولاشك أن الشخص كثير الكلام سيقع في الزلل، خصوصاً إذا اقترنت تلك الآفة بآفة أخرى، هي ادعاء المعرفة والإلمام بكل شيء، فهو شخص يتفوق على محرك البحث «غوغل» في معرفة كل شيء، وله رأي في كل شيء، وكل قضية، في الأدب، والعلوم، والطب، والسياسة، وحتى الطهو.

لقد صادفت على مدار السنوات الماضية بعض الشخصيات، كان يتجنبهم زملاؤهم في العمل، ويتحاشون لقاءهم، بسبب كثرة كلامهم. المشكلة الأكبر في الأشخاص الذين يفرضون أنفسهم، ويتحدثون عن كل شيء يخصهم، حتى الأمور الخاصة، وهو أمر غير أخلاقي، مثل أن يتحدث الأزواج عن شركاء حياتهم، فيذكرون عيوبهم لآخرين لا تربطهم بهم سوى زمالة العمل.

أعتقد أن أفضل حل للتعامل مع تلك الفئة هو تحديد الوقت المخصص للحديث مسبقاً إذا كانوا زملاء في العمل، أما إذا كانوا أصدقاء مقربين فربما يمكن لفت نظرهم إلى هذه السمة، وإن كنت أشك في أن هناك من يقبل النصح أو يقوم بالتغيير، فالشخصية غالباً لا تتغير، أما هؤلاء الأشخاص فمن المهم أن يقفوا مع أنفسهم ويلاحظوا «كمية» الكلام التي ينتجونها، سواء على الهاتف أو الحوارات المباشرة، أو حتى في البريد الإلكتروني، الذي يمتد إلى صفحات أحياناً، وليراعوا أيضاً كمية مشاركاتهم على وسائل التواصل. إن الحياة قصيرة، فلا داعي لإهدارها في ما لا يفيد، وإضاعة وقت الآخرين، فالدقيقة التي تمر من حياة الإنسان لا تعود مرة أخرى.

Garad@alaagarad.com

Alaa_Garad@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 
 

تويتر