كـل يــوم

صعود وهبوط الاقتصاد ظاهرة عالمية طبيعية..

سامي الريامي

التذبذب صعوداً وهبوطاً سمة من سمات الاقتصاد العالمي، لا غرابة في ذلك، فهو أمر طبيعي منذ قديم الزمن، ومنذ أن عرف العالم معنى الاقتصاد الحديث، وكذلك هي حال اقتصاد الدول، فهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد العالمي، ومن الطبيعي أيضاً تأثره سلباً وإيجاباً بكل مرحلة زمنية مختلفة، وفقاً لحالة الاقتصاد العالمي ككل، فينتعش اقتصادها تارة، ثم يتباطأ تارة أخرى، أيضاً لا غرابة في ذلك، ولا عيب فهو ظاهرة عالمية طبيعية.

لذلك تمتلك الدول أدوات وسياسات اقتصادية منوعة منها سياسات مالية، وأخرى نقدية، للتحكم والسيطرة الاقتصادية في حالة الانتعاش أو الانكماش، منها سياسات توسعية أو انكماشية في التجارة الخارجية، وفي الدعم والتسهيلات الخارجية والداخلية، ومنها فرض وزيادة الضرائب أو تخفيضها، ومنها التحكم في سعر الفائدة ورفعه أو تخفيضه وفقاً لحالة الاقتصاد، واتخاذ مثل هذه السياسات وغيرها في علم الاقتصاد هي أمور ضرورية وطبيعية، وليس لها أي مردود سلبي بل هي أمور مطلوبة للوصول إلى مرحلة التوازن الاقتصادي.

والاقتصاد العالمي اليوم ليس في أحسن أحواله، فهو يمر بمرحلة تباطؤ، والتوقعات تشير إلى أن التباطؤ قد يتزايد خلال العامين المقبلين، حيث من المتوقع أنهما سيشهدان مزيداً من الانكماش الاقتصادي، وبما أن دولة الإمارات هي إحدى الدول الفاعلة والمؤثرة في الاقتصاد العالمي، ولها ارتباطات وعلاقات ومشروعات اقتصادية ضخمة ومنوعة، وهي مرتبطة باقتصادات الدول الصناعية الكبرى وغيرها من الدول الأخرى، فمن الطبيعي جداً أن نستعد من الآن لمواجهة تلك التوقعات، وأن نتخذ الكثير من الإجراءات لتقليل آثار التباطؤ الاقتصادي المتوقع، وهذا شيء ليس بغريب على الإمارات، فلقد واجهت الكثير من هذه الفترات الصعبة التي مرت على العالم، واستطاعت تقليل آثارها وتداعياتها في الدولة، ومن ثم استطاعت تجاوزها، والعبور بالاقتصاد المحلي إلى مرحلة الأمان.

حكومة الإمارات تحركت سريعاً، واتخذت إجراءات استباقية، وركزت على إعطاء المزيد من التسهيلات، وإزالة بعض العقبات التي كانت تواجه المستثمرين، كما أعلنت عن الكثير من القوانين الداعمة لخفض كُلفة الأعمال، لمساعدة رجال الأعمال في تحقيق التوازن وعدم التأثر بتداعيات السوق العالمية، وهذا دون شك تحرك فعّال ومطلوب.

وفي موازاة هذه التحركات الإيجابية، نحتاج اليوم - أكثر من أي وقت سابق - إلى إيجاد وخلق قطاعات اقتصادية جديدة على مستوى جميع الإمارات، وللوصول إلى ذلك لابد من مضاعفة التنسيق بين الإمارات، لعدم تكرار المشروعات الاقتصادية، وعدم التركيز على قطاع واحد فقط، كما نحتاج إلى أن تدعم الحكومة القطاع الخاص بشكل أكبر، ليس فقط من جانب التسهيلات وخفض كُلفة الأعمال، بل من خلال إسناد الكثير من المشروعات الجديدة، والقطاعات الاقتصادية الجديدة إلى هذا القطاع، مع تحجيم منافسة بعض المؤسسات الحكومية للقطاع الخاص في كثير من المشروعات التي يفترض أن يقوم بها القطاع الخاص، والإبقاء على دور المؤسسات الحكومية كمشرّع ومنظم لهذه القطاعات، بذلك نضمن اتساع الدورة الاقتصادية، ونمو الأنشطة الاقتصادية الرئيسة والجانبية، وبذلك نُعطي دفعة قوية للقطاع الخاص، باعتباره عموداً حيوياً لتطوير الاقتصاد، ومختلف الأنشطة الاقتصادية.

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر