مستقبل الجودة

مستقبل الجودة

الدكتور علاء جراد

احتفل الكثير من الدول والمؤسسات، يوم الخميس الماضي، باليوم العالمي للجودة، وهو يوم خصصته الأمم المتحدة لتسليط الضوء على أهمية الجودة (النوعية) في حياتنا، سواء الجودة في المنتجات أو الخدمات أو جودة سياسات وإجراءات العمل، ويتم الاحتفال بهذا اليوم سنوياً في يوم الخميس الثاني من شهر نوفمبر، وتخصص بعض المؤسسات أسبوعاً كاملاً لتسليط الضوء على هذا اليوم، ويتم ذلك من خلال محاضرات توعية ومسابقات وورش عمل، وقد كان محور الاحتفال هذا العام سلوكيات القادة والمديرين، التي تعكس جودة القيادة، مثل التخطيط والتحفيز والتواصل الفعال مع المعنيين، والالتزام بمبادئ الجودة ونشرها باستمرار، وقبل ذلك بثلاثة أسابيع احتفل العالم أيضاّ باليوم العالمي للمواصفات (مقالي يوم التاسع من أكتوبر 2017)، وترتبط الجودة ارتباطاً وثيقاً بالمواصفات والمعايير، بل إن أحد تعريفات الجودة هو «المواصفة» أو «المعيار».1

• الجودة الحقيقية تتطلب ألا ترى العميل أصلاً ولا يراك، بل أن يقوم بإنهاء معاملاته من خلال هاتفه المحمول وفي ثوانٍ معدودة، من دون أن يضيع وقته في البحث عن مكان لصف سيارته.

بحسب منظمة المقاييس العالمية (الأيزو)، فهناك 37 ألفاً و546 مواصفة تغطي كل نواحي حياتنا، بداية من نسب المواد الحافظة في الأغذية المعلبة وانتهاء بإجراءات السلامة في المفاعلات النووية، ويزداد عدد المواصفات شهرياً بسبب المستجدات التي يشهدها العالم كل ساعة، فقبل سنوات عدة لم نكن نسمع عن الطائرات التي يتم تحريكها عن بُعد، التي تتطلب الآن مواصفات لتنظم عملها، كما لم يكن هناك الارتباط الوثيق بالروبوتات، ولم يكن هناك إنترنت الأشياء ولا الطب الرقمي ولا العلاج عن بُعد باستخدام الروبوتات. إذا أخذنا كل تلك المستجدات في الاعتبار، أو حتى النذر القليل منها، فسنجد أننا بحاجة إلى التغير الفوري والجذري في نظرتنا للجودة ومستقبل الجودة، والعمل على استحداث معايير وممارسات جديدة تماماً لتطبيق الجودة في المؤسسات.

إن الجودة في المستقبل لن تكون متعلقة بتنظيم طوابير الانتظار في البنك أو المستشفى أو توفير مقاعد مريحة للعميل، ولن تكون في تدريب موظفي الفنادق على الابتسامة وتحية الضيف، ولن تكون هناك استبيانات قياس الرضا، فكل ذلك عفا عليه الزمن الآن، حيث إن الجودة الحقيقية تتطلب ألا ترى العميل أصلاً ولا يراك، بل أن يقوم بإنهاء معاملاته من خلال هاتفه المحمول وفي ثوانٍ معدودة، من دون أن يضيع وقته في البحث عن مكان لصف سيارته ثم الانتظار لساعات للحصول على الخدمة، وكما نلاحظ الآن في المطارات لا تحتاج للحديث أو رؤية أي من موظفي شركة الطيران، حيث يتم حجز التذكرة والتسجيل وإنهاء الإجراءات باستخدام الهاتف المحمول، والشيء نفسه في الفنادق والبنوك والمطاعم، وبالتالي لابد من تغيير جذري في السياسات والإجراءات والممارسات المتعلقة بالجودة، فجودة المستقبل تختلف تماماً عن جودة الأمس واليوم.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر