5 دقائق

قتل الوقت

الدكتور علاء جراد

ما الوقت؟ هل يمكن تعريف الوقت؟ يعتبر الوقت أحد أهم المقاييس في تاريخ البشرية، بل قد يكون أولها منذ خلق الإنسان، ويمكن التفكير في الوقت باعتباره هبة من المولى للإنسان، وهي هبة محددة، فلكل منا أجل مسمى من قبل أن يولد، منا من يحسن الاستفادة بهذه الهبة، فيحسن استغلالها ويحول كل دقيقة في حياته إلى عمل منتج يضيف قيمة للإنسان وللمجتمع، فيتضاعف الوقت من حيث كمية ونوعية العطاء الذي تحقق خلال عمر الإنسان، فمثلاً قد يحيا شخص 40 عاماً يكون عطاؤه فيها ما يعادل 60 عاماً، حيث يؤثر في الآخرين ويترك خلفه ما ينفع الناس وقد يعيش للأبد من خلال عمله الطيب.

الحياة قصيرة، ولابد أن نفكر كيف نحياها وكيف نريدها بعد رحيلنا، وما الذي أضفناه ونضيفه لها.

من ناحية أخرى، هناك من يحيا 60 عاماً ويكون إنتاجه الحقيقي لا يتعدى 10 أعوام، بل قد لا يضيف أي قيمة تذكر، ولا يترك خلفه إلا المتاعب والإرث السلبي الذي يرهقه ويرهق كل من حوله، ومن هذا المنطلق يمكن أن نفكر في الوقت كأنه كائن حي، فالبعض يهتم بهذا الكائن ويرعاه وينميه ويستفيد به وبوجوده، ويحاول بشتى السبل المحافظة عليه واحترامه وتعظيم المكاسب منه، فيبارك الله له فيه ويحصل على نتيجة ما زرع بما ينفعه وينفع الناس، وعلى النقيض يهمل البعض الآخر هذا الكائن ويتركه من دون مراعاة أو متابعة، وكأنه حق مكتسب مدى الحياة ويستخدمه في اللهو واللعب، وبذلك فهو يقتل هذا الكائن ويضيّع على نفسه فرصة الاستفادة به، ومن ثم من المفيد أن يسأل كل منا نفسه: هل نساعد هذا الكائن الحي ونتعهده بالرعاية والاهتمام فنحييه ونحيا به؟ أم نهمله ولا نعيره بالاً فنكتشف بعد فوات الأوان أننا قتلناه بالإهمال واللامبالاة؟

إن الحياة قصيرة، ولابد أن نفكر كيف نحياها وكيف نريدها بعد رحيلنا، وما الذي أضفناه ونضيفه لهذه الحياة، لقد حضرت، أخيراً، احتفال أحد الأصدقاء بمرور 50 عاماً على زواجه، وفي الحفل استعرض صور عرسه وكيف تعرف إلى زوجته منذ أن كانا زميلين في المرحلة الثانوية، ثم زواجهما ورحلتهما خلال الخمسين عاماً، بحلوها ومرها، ثم رحلة أولادهما في الحياة، ثم زواج أبنائهما ورؤية أحفادهما في الجامعة، وقد قارب البعض منهم على الزواج، واجتمعت العائلة الكبيرة لأخذ صورة تذكارية، وفي الصورة ما يقارب 20 عضو في العائلة، ووراء كل منهم قصة نجاح يمكن أن تملأ صفحاتها كتاباً، وقد أضافوا ويضيفون جميعاً قيمة لمجتمعهم وبلدهم، والأهم هو الحب والاحترام بين أفراد هذه العائلة السعيدة.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر