5 دقائق

تأثير «بجماليون»

الدكتور علاء جراد

تعتبر نظرية عالمي التربية «روزينتال وجاكاوسبون»Rosenthal and Jacobson من أهم النظريات في علم التربية وأساليب التعلم، وخلاصة تجاربهما أن الطلاب يتأثرون سلباً أو إيجاباً بتوقعات المعلمين منهم، فلو أن المعلم كانت لديه قناعة بأن طالباً أو مجموعة معينة من الطلاب هم أفضل من غيرهم ولديهم القدرة والذكاء على تحقيق معدلات أفضل فسوف يحقق هؤلاء الطلاب معدلات أفضل حتى لو كانوا في البداية من الطلاب العاديين، والعكس صحيح فلو اعتقد المعلم أن مجموعة معينة من الطلاب لديهم ضعف في التحصيل وأنهم أقل في قدراتهم من أقرانهم فسوف يحققون معدلات أداء منخفضة، أي أن التعزيز الإيجابي يأتي بنتائج إيجابية، والتعزيز السلبي يأتي بنتائج سلبية، وقد تم إطلاق اسم «بجماليون» على هذا التأثير، ويرجع السبب في التسمية للقصة الشهيرة للنحات بجماليون، وكذلك لمسرحية برناردشو التي تحمل الاسم نفسه، ويعني تأثير بجماليون أن الإنسان من الممكن أن يتقدم تقدماً غير مسبوق نتيجة التوقعات الإيجابية من الآخرين.

«الإنسان من الممكن أن يتقدم تقدماً غير مسبوق نتيجة التوقعات الإيجابية من الآخرين».

يتفق ما سبق مع الكثير من نظريات علم النفس، وكذلك البرمجة اللغوية العصبية، ويعلم الكثير منا هذا الأمر، ولكن السؤال المهم: كم منا يراعي ذلك بوعي وانتباه طوال الوقت؟ كم منا يهتم جيداً بما يقوله للآخرين سلباً أو إيجاباً، ليس لأبنائنا أو للطلاب في المدارس فقط ولكن لكل من حولنا؟ فالتجربة المشار إليها تمت في بيئة أكاديمية إلا أنها تنطبق أيضاً على البيئات الأخرى وأهمها بيئة الأسرة (المنزل) وبيئة العمل، فالأب - أو الأم - الذي يمد أبناءه بالتعزيز النفسي الإيجابي ويعبر عن ذلك بوضوح، في الغالب سيتقدم أبناؤه ويحققون نجاحاً في نواحي حياتهم، والعكس صحيح.

أيضاً المدير الناجح أو القائد الذي يفهم جيداً في علم النفس ويطلع ويطبق تلك النظريات بفاعلية مع موظفيه سوف يحصل دائماً على نتائج إيجابية، وهذا ليس فقط وجهة نظر لكنه مؤكد بالأدلة البحثية في أدبيات ودراسات تقييم أداء الموظفين، إذ يشار إليها بالمصطلح نفسه، أي «تأثير بجماليون»، والذي يقابله «تأثير جوليم»، وهو التعزيز السلبي، فعندما يعتقد المدير أن موظفاً معيناً فاشل، وغير قادر على الإنجاز، فلابد أن ينعكس هذا التوجه على تصرفات المدير، والتي تنتقل للموظف فيتدنى أداؤه بالفعل.

وبالتالي على الإنسان أن يكون واعياً وحريصاً كل الحرص في كل كلمة، أو حتى إيماءة أو إشارة، إذ يمكننا أن نساهم في بناء إنسان، ونساعده على تحقيق ما يصبو إليه، وقد نكون أيضاً سبباً في هدم هذا الإنسان وإحباطه، وبخاصة إذا كنا في موضع المسؤولية واتخاذ القرار.

Alaa_Garad@

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر