5 دقائق

نحن والجاليات

عادل محمد الراشد

2000 شخص حضروا محاضرة باللغة البنغالية، ألقاها الداعية مطيع الرحمن عبدالحكيم، المترجم في مكتب الدعوة والإرشاد بالدمام، وقد صاحب التوفيق المنظمين في ملتقى زايد بن محمد العائلي بدبي، باختيار عنوان المحاضرة «اتباع السنّة»، ليكون دليلاً سهلاً ويسيراً للحاضرين، لمعرفة ما يقرّه الدين، وما ينكره في كل أمور الحياة، ومن وراء ذلك المشاركة في تحقيق السعادة التي أصبحت عنواناً لمجتمع الإمارات.

قبل الشكوى من تصرفات وسلوكيات عامة لبعض الجاليات، يجدر بنا التفكير في تطوير خطابنا الإعلامي على جميع الصعد، ليصل إلى هؤلاء الذين يشاركوننا الحياة.

والمحاضرة ذاتها ليست موضوعنا هنا، وإن كانت تستحق الإشارة والإشادة، لكنها كانت المفتاح الذي فتح باب النقاش مرة أخرى، عن دور وسائل الإعلام بالدولة، في الوصول إلى الجاليات الأجنبية، خصوصاً الآسيوية، لجعلها أكثر انسجاماً مع ثقافة مجتمع دولة الإمارات، وأكثر فهماً وتفهماً لمعايير العيش فيها، والإسهام في الحفاظ على منجزاتها.

الجاليات، خصوصاً الآسيوية، أسهمت ولاتزال تسهم بشكل فعّال في عملية البناء والتطور في الدولة، وربما يكون أفرادها هم وحدهم في ميدان النظافة العامة وتجميل الشوارع والحدائق، وحضورهم طاغٍ في البيوت ومصادر الخدمات في شتى المجالات، ولا يُستغنى عنهم في المؤسسات والشركات الصغرى والكبرى، وهذا الحضور الكبير يزيد من أهمية الوصول إليهم للتعرف إليهم، وتعريفهم بمزايا وجودهم في الدولة، وماذا عليهم للحفاظ على هذه المزايا، ابتداء من الحفاظ على نظافة المكان وأنظمته، وليس انتهاء باحترام قوانينه، والإسهام في حفظ أمنه وسلامة كل ساكنيه، سواء كان هذا المكان بيتاً أو مؤسسة أو مدينة، أو الدولة قاطبة.

هناك جهود تبذل من قبل جهات، مثل ملتقى زايد بن محمد العائلي وغيره، لتوعية الجاليات الأجنبية، ورفع مستوى استعدادها لمجاراة التطور في الدولة، وعدم إعاقته، لكن هذه الجهود تظل محصورة التأثير، وإن حضرها آلاف الأشخاص، لأنها مؤقتة، أولاً، ومحدودة العدد ثانياً، ومحددة المكان ثالثاً، ونخبوية لا تمتلك وسائل الوصول إلى أكبر عدد من المستهدفين، وهذا دور يحققه الإعلام بكل أشكاله التقليدية والحديثة. وإقبال 2000 شخص على محاضرة داخل قاعة، يعني وجود رغبة أوسع خارج هذه القاعة للمعرفة. ولا تكفي الشكوى من جالية معينة بارتكاب الأخطاء القانونية والمخالفات الاجتماعية إلى درجة تكوين «فوبيا» من هذه الجالية أو تلك، ربما تكون مبررة بحكم ما ترشح عنه الأخبار من جرائم ومخالفات، وما تراه الأعين من سلوكيات، والأهم من الشكوى المبادرة لتغيير الوعي، والعمل على تقويم الفكر والسلوك، وإفهام الناس أن ما يصح من سلوك في دولهم، قد لا يصح هنا، لا من باب الذوق ولا القانون. وقديماً قالوا في إشارة للمخالف «من أمرك؟ قال ومن نهاني؟».

وقبل الشكوى من تصرفات وسلوكيات عامة لبعض الجاليات، يجدر بنا التفكير في تطوير خطابنا الإعلامي على جميع الصعد، ليصل إلى هؤلاء الذين يشاركوننا الحياة، ليشاركونا الحفاظ على استدامة مستوى هذه الحياة.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر