كل يوم

ماذا تفعل كيم كرديشيان بين المعاقين؟!

سامي الريامي

شخصياً لست ضد دخول كيم كرديشيان البلد، باعتبارها سائحة، فدبي مدينة سياحية تستقطب ملايين الزوّار سنوياً، وهم جميعاً مرحب بهم، ما لم يكن لهم تاريخ إجرامي، أو يوجد سبب أمني يمنع دخولهم، وكيم ليست من الفئة الأولى أو الثانية، صحيح أننا نتحفظ على شخصيتها وأسلوبها وتاريخها، وهذا من حقنا، لكن لا حق لنا التدخل في أمورها الشخصية، خصوصاً أن تلك الأمور مقبولة وغير مجرمة في مجتمعها الأميركي!

لا مانع من دخولها الإمارات، ولا مانع من استمتاعها بمواقع الترفيه كافة، ولا مانع من تسوّقها وتجوّلها في المدينة، وهي كسائحة يحق لها ممارسة ما يحق لجميع السياح الآخرين ممارسته، لكن هناك موانع كثيرة، بل هناك خطوط حمراء يجب ألا تتجاوزها كيم كرديشيان ومَن استضافها، فهي ليست النموذج الذي يمكن إبرازه إعلامياً لشبابنا وشاباتنا، كما أنها ليست النموذج الإنساني الذي يمكن من خلاله استغلال المعاقين إعلامياً، لأي هدف كان، حتى إن كان لجمع التبرعات!

أحترم كثيراً دور مركز راشد لتأهيل المعاقين، وأحترم وأقدر كثيراً دور وجهد المسؤولين عن المركز، لكن ذلك لا يعني إطلاقاً أن استضافتهم لكيم كرديشيان كانت لفتة جميلة، كما أنها لم تكن عملاً نبيلاً، وناجحاً، وله مردود إيجابي على المركز والمعاقين، بل أعتقد أنها كانت غلطة، بل سقطة، يجب أن يقف عندها المسؤولون عن المركز، لمنع تكرارها، وعليهم أن يدركوا تماماً أن هناك اسماً يرتفع على المبنى، هذا الاسم لشخصية خالدة عظيمة ونبيلة، وارتباط هذا الاسم بالمركز ليس مجرداً أو مصادفة، بل هو رمز للخير والعطاء، كما أنه نهج وخطى ليكون هذا الاسم حاضراً دائماً في أي نشاط أو حدث ينظمه المركز، أو حتى في الشخصيات التي يمكن أن تزوره، وتلتقي الأطفال والطلبة المعاقين!

متأكد أن المسؤولين عن المركز يعرفون تماماً من هي كيم كرديشيان، وهم لا يجهلون سبب شهرتها، وإباحيتها، وتاريخها غير المشرف بالنسبة لمجتمعاتنا الشرقية العربية على الأقل، ولكن ما لا أعرفه هو ما الإجابة المتوقعة لأي من مسؤولي المركز لو سألهم طفل أو طالب معاق صغير عن هذه السيدة التي تلتقط صوراً معه: مَن هي؟! ماذا عساهم أن يجيبوا؟!

هي ليست ممثلة شهيرة، كما أنها ليست مطربة كبيرة، وهي ليست سفيرة معتمدة من الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، كما أنها لم تحصل على جوائز عالمية في أي مجال من مجالات الفن، هي شخصية جدلية، هابطة، سيئة السمعة، لديها ملايين المتابعين، لا نختلف على ذلك، ولكن ماذا عسانا أن نصنع بملايين المتابعين لها؟ خصوصاً أن أغلبيتهم من فئة المراهقين والبُله والراغبين في رؤية صورها الخليعة، ومفاتنها المعروضة ليل نهار على الهواء مباشرة لكل العالم، ماذا سيستفيد مركز معاقين في دبي من هؤلاء الملايين في أميركا وأوروبا وبقية الدول الغربية؟! هل يحتاج المركز إلى شهرة تأتيه من وراء كيم كرديشيان؟! وهل يحتاج المركز إلى سمعة من متابعيها؟!

الأطفال المعاقون، في هذا المركز أو غيره، جاؤوا طلباً للرعاية والاهتمام، وهم أحوج الأطفال للتعلم والتأقلم، والمساعدة، ولهم احتياجات ومتطلبات خاصة جداً، هي في الغالب مكلفة، لذا فإن أوجه صرف المراكز لأموال المركز، سواء كانت من أهالي الطلبة، أو من التبرعات يجب أن تذهب جميعها إلى تلبية احتياجات هؤلاء الأطفال، لا أن تخصص للحفلات الفنية، أو التباهي، أو الصرف على المطبوعات والمنشورات غير الضرورية، كل درهم يجب أن يُنفق على المعاق فقط، ولا شيء غيره، لذا فإن كل درهم صرفه مركز راشد على استضافة كيم كرديشيان هو تبذير وسوء إدارة، حتى لو كان ذلك الدرهم صُرف على فنجان قهوة أو فطيرة أو حتى قنينة ماء!

ختاماً لست حزيناً على شيء قدر حزني على ذلك المعاق الذي وقف مبتسماً يلتقط صوراً مع كرديشيان، وهو لا يعرف مَن هي، في حين أنها تعرف تماماً أنها «تستغله» لتحسين سمعتها وتجميل صورتها السيئة!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر