5 دقائق

«امشِ ميلين.. أصلح بين اثنين»

خالد الكمدة

في منزل أخته، وعلى أصوات النقاشات الحادة، جلس مروان ينظر إلى ساعته، بقي قليل على وقت المباراة، وهو رهن انتظار أن تهدأ الأجواء العاصفة، وأن ينجح والداه في حل خلافها مع زوجها. حدث شيء شبيه منذ شهر، واستمتع أصدقاؤه برحلة مسلية غيبه عنها خلافات أخته الزوجية. لماذا يصرّ أبواه على اصطحابه إلى جلسات الصلح وهو غير معني بما سيحدث؟ «لماذا يرفض أبي طلبها الطلاق؟»، «ربما يريحنا ذلك من المشكلات المتكررة»، «وإلى متى ستضيّع وقتي هذه المغامرات المضجرة؟»، فكر مروان.. ليتنا نعلم أن المغامرات ليست جميعها مسلية.

«لماذا بتنا نستسلم لتفكك العلاقات الأسرية، ونستسيغ تهدّم الزيجات وانفراط رباطها المقدس؟».

كم مرة غامرت لتصلح بين زوجين؟ كم مرة اقتطعت من وقتك لترشد أخاً لك كي يرى إيجابيات زوجته ويتجاوز سلبياتها؟ كم مرة ذكّرتِ صديقتكِ بمزايا زوجها وفضله على غيره؟ كم مرة أطلعتِ أختاً لك في الله على حقوق بيتها وزوجها، ونبهتها إلى مثوبة طاعته؟ كم مرة سعيت في إصلاح؟

لماذا اختزلت علاقاتنا في المصالح المشتركة أو المباهج المشتركة، وزهدنا في أدوارنا في حياة الآخرين عندما يتعلق الأمر بتحدياتهم؟ صارت كل مفردات حياتنا مرهونة بانعكاسات الأحداث والأشياء علينا بشكل مباشر، غير مدركين أن تخلخل لبِنات المجتمع تهديد له بالانهيار. لماذا بتنا نستسلم لتفكك العلاقات الأسرية، ونستسيغ تهدم الزيجات وانفراط رباطها المقدس؟ لماذا يفضل أحدنا أن يكون متفرجاً سلبياً على خراب البيوت، أو مشعلاً فتيلاً قد يحرقها بدل أن يسعى لإطفاء الحريق، وترميم الثغرات، والتدخل إيجابياً لحمايتها من التهدم؟

ارتفاع معدلات الطلاق ليس نتاجاً لصعوبات الحياة، ولا لتعلم المرأة، بل لسلبية المجتمع، لتغيير المفاهيم، لاستسهالنا الاستبدال على الإصلاح، لانصرافنا، آباء وأمهات، أسراً وأصدقاء، عن المساهمة في حماية الشباب والشابات من عواصف سنوات الزواج الأولى وتقلبات طقوسها، نتيجة للتفريط في ما نشأنا عليه من قيم تقدس الرباط الزوجي، وما أمرنا به ديننا من الكلم الطيب، والسعي لنشر المحبة والتوافق، «امشِ ميلاً عُدْ مريضاً، امشِ ميلين أصلح بين اثنين»، فلماذا صارت الأميال الطويلة للمغامرات السياحية أو الصول والجول في محاكم الأحوال الشخصية أقرب إلى قلوبنا؟

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر