أبواب

عن المرأة والحب و«الروزنة»

يوسف ضمرة

«الروزنة» مجلة ثقافية تصدر عن اتحاد المرأة الأردنية في عمّان، وهي مجلة فصلية جادة وعلى درجة عالية من الرزانة. وكلمة «الروزنة» في الأصل فارسية وتعني «النور» أو «الضياء»، وتحولت في لهجة بلاد الشام ليصبح معناها النافذة الصغيرة أو الكوة في الجدار أو السقف، وهو ما يحيل على النور والضياء بالطبع.

ولا ينسى أهل الشام من سورية إلى لبنان وفلسطين والأردن تلك الأغنية الشهيرة لسيدة الغناء العربي فيروز «عالروزنة»، وقد ذهب الدارسون ومؤرخو الفنون والتراث إلى مناطق متباينة في محاولة الحصول على أصل حكاية الأغنية التي يرددها الجميع، لكن المهم ومن دون تفاصيل تتعلق بالاسم والأغنية، هو أن «الروزنة» كلمة شعبية شائعة، لها في الوجدان الشعبي مكانة خاصة وأثر عميق، بالنظر إلى ما توحي به من عشق ودفء ومعاناة.

«الروزنة» في الأصل فارسية وتعني «النور»، وتحولت في لهجة بلاد الشام إلى النافذة الصغيرة أو الكوة في الجدار أو السقف.

يعود زهير أبوشايب إلى مفهوم الحب لغوياً واصطلاحياً عند العرب، وإلى تجارب الحب المعروفة التي وصلت إلينا.

ولعل إفراد عددين من المجلة (13 و14)، لملف بعنوان «عن المرأة والحب» يناسب اسم المجلة أولاً وقبل أي شيء آخر، لكن هذا لا يعني أن الملف جدير بمجلة «الروزنة» وحدها، وإنما هو يليق بأي مجلة ثقافية جادة، وأحسب أن هيئة التحرير قد أخضعت هذا الملف لدراسة متأنية، فجاء اختيار الموضوعات والأسماء المشاركة على مستوى الملف جمالياً ومعرفياً.

ولا نستطيع في عجالة كهذه أن نحاور الموضوعات كلها، ولا حتى أن نذكر أسماءها وأسماء الكتاب كلهم، لكننا نشير إلى مقدمة رئيس التحرير الشاعر زهير أبوشايب، الذي عرف عنه قدرته الكبيرة والمميزة على كتابة المقالة الثقافية العميقة والغنية، وهو ما جعله يُصدر كتاباً ضم بعض هذه المقالات تحت عنوان «ثمرة الجوز القاسية» الذي كتبنا عنه فور صدوره.

يعود أبوشايب إلى مفهوم الحب لغوياً واصطلاحياً عند العرب وإلى تجارب الحب المعروفة التي وصلت إلينا، فهو يشير مثلاً إلى أن كلمة «هوى» تعني الحب والسقوط والجنون. ويقارن بين «الحب» و«الحرب» كجناس لغوي، فيرى أن الحب عند العربي القديم كان فعلاً ذكورياً بطولياً يشابه الحرب، ولذلك تكون صورة الذكر واضحة وقوية، بينما يتم تهميش الأنثى بحيث تصبح سرابية، وهذه السرابية هي ما تجعل الحب مشعاً ومتقداً على الدوام، لكن العذريين أعلوا من قيمة العشق على حساب صورة العاشق.

وفي العدد الثاني، يعود أبوشايب إلى علاقة الحب بالدين عبر الميثولوجيا الشرقية، فيكشف عن العلاقة بين الخصب والحب وعن تأليه الأنوثة في الأساطير وتأنيث الألوهة في الديانات الأمومية.

ومن الموضوعات اللافتة في الملف، ترجمة جديدة لنشيد الإنشاد عن «العبرية» للباحث فاضل الربيعي، مشفوعة ببحث واستقصاء وحفر لغوي، كان كفيلاً بإعادة النظر في التأويلات السابقة والمعاني القديمة التي درجت لمئات السنين. وهو يعتقد أن كل ما استقر عليه المعنى في الماضي يعود في جوهره إلى «تزوير» في الترجمة الاستشراقية، لإبعاد الناس عن حقائق تاريخية ــ كما يقول ــ مناقضة لما يشاع الآن ويجري تسويقه حول علاقة اليهود بفلسطين وتاريخهم فيها، الذي يبدو مجرد اختراع استشراقي محض لا يستقيم وأسماء الأماكن والشخوص والوقائع التاريخية.

هذه مجرد إشارة إلى ملف يحتاج قراءة متأنية وتأملاً مركزاً، ولا نملك إلا أن نشد على أيادي هيئة التحرير والمساهمين في الملف جميعاً، بالنظر إلى جهودهم الكبيرة التي وفرت لنا هذه المادة القيمة.

damra1953@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

 

تويتر