5 دقائق

ابتسم

د.عبدالله الكمالي

البحث عن السعادة مطلب كل إنسان، فمن منا يريد أن يعيش في شقاء وهمّ وغمّ؟! لذلك جاء الشرع الحنيف بالسعادة لجميع الخلق، فلم يأمرنا الإسلام بأن نعيش حياة حزينة لا سعادة فيها. قال ابن تيمية رحمه الله: وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله، بل قد نهى عنه في مواضع، وإن تعلق بأمر الدين كقوله تعالى: «ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين». وقوله: «ولا يحزنك قولهم»، وأمثال ذلك كثير، وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة، فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يضحك ويبتسم مع الناس، فهو القائل: «تبسّمك في وجه أخيك صدقة». وكان يمازح الصحابة رضي الله عنهم، فصحّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهرا، وكان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية من البادية، فيجهزه النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه». وكان صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلاً دميماً، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال: من هذا؟ أرسلني، فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من يشتري هذا العبد؟»، فقال: يا رسول الله، إذاً والله تجدني كاسداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لكنك عند الله لست بكاسد»، أو قال: «أنت عند الله غال». فنبينا صلى الله عليه وسلم كان يمازح الصحابة الكرام، فشتان بين من يلقى الناس بالابتسامة الطيبة الجميلة وبين من يلقاهم بالعبوس والغضب. قيل في ترجمة الأعمش، أنه قال لابنه: اذهب فاشتر لنا حبلاً للغسيل، فقال ابنه: طول كم؟ قال: عشرة أذرع، فقال الابن: في عرض كم؟ قال: في عرض مصيبتي فيك.

إذا غلف المزاح بغلاف الأدب وحسن الخلق والاعتدال فهو المزاح المحمود.

إذا غلف المزاح بغلاف الأدب وحسن الخلق والاعتدال فهو المزاح المحمود، فمن غير اللائق أن يمزح بعضهم ويضحك على عباد الله، فيصور المقاطع السيئة التي فيها سخرية واستهزاء بالناس، خصوصاً الضعفاء والفقراء منهم، فيخيف العمال ويصوّر ردود أفعالهم، أو يصور الناس بعد إغضابهم وإزعاجهم، أو يقلدهم بسخرية واستهزاء وإسفاف، فهذا سلوك غير لائق ولا مقبول، والأقبح من ذلك كله أن يصور الرجل نفسه وهو يقلد النساء أو العكس.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

تويتر