فرص تعلم عادلة للأطفال من ذوي الإعاقة

خالد الكمدة

في لقاء مع إحدى الطالبات المشاركات في برامج التوعية بحقوق الطفل التي تنظمها هيئة تنمية المجتمع، تحدثت لي «روضة» بعفوية طفولية عن زيارتها لجمعية الإمارات لمتلازمة داون، وكيف أن هذه الزيارة أسهمت في إحداث تغيير كبير في نظرتها إلى الأشخاص من ذوي الإعاقة، وكانت تحاول سابقاً تجنبهم وعدم الاحتكاك بهم. ما قالته «روضة»، نعلمه جميعاً ونعلم أن لدينا أشواطاً طويلة لنقطعها قبل تحقيق الدمج الكامل لأطفالنا من ذوي الإعاقة في مؤسسات التعليم النظامي، وهو ما يتطلب منا إنجازات ملموسة على صعيد البيئة المؤهلة للدمج، والمنهجية العلمية، والأدوات المساعدة وبرامج التقييم والتطوير.

«عزلة الأطفال من ذوي الإعاقة وحرمانهم الانخراط في مؤسسات التعليم النظامي، والحصول على حقهم في التعليم الأساسي والعالي، ليست مشكلة الطفل بقدر ما هي مشكلة البيئة والنظم التعليمية».

لقد أثبتت التجارب أن عزلة الأطفال من ذوي الإعاقة وحرمانهم الانخراط في مؤسسات التعليم النظامي، والحصول على حقهم في التعليم الأساسي والعالي، ليست مشكلة الطفل بقدر ما هي مشكلة البيئة والنظم التعليمية، والتعامل مع هذه المشكلة لم يعد رفاهية بعد الآن.

ويشكل الوعي لدى المجتمع ولدى القائمين على العملية التعليمية حول طبيعة الإعاقات وتحدياتها وقدرات ومهارات الأطفال من ذوي الإعاقة، الخطوة الأولى، فليس معنى أن يكون لدى الطفل إعاقة سمعية أو حركية أنه قد يقل كفاءة عن أقرانه من غير ذوي الإعاقة، فهو أحياناً يتفوق عليهم في العلوم الأساسية، ولكن السؤال الرئيس هنا، كيف نوفر له الفرص العادلة للتعلم؟ كيف نتيح لطفل من ذوي الإعاقة تلقي المعلومة ونقيم فهمه لها بطريقة عادلة تتعامل مع قدراته وإمكاناته وتتجاوز إعاقته، وكيف نحيطه ببيئة مشجعة تحتوي تحدياته وتسانده في تعامله معها.

تأهيل البيئة التعليمية بمرافقها ومناهجها ومشرفيها، وتوفير الأدوات المساعدة التي تراعي الفروقات الفردية، ووجود الكادر التدريسي المدرب والكفوء وممن لديهم إيمان بالفروقات الفردية واحترام لقدرات الآخرين، خطوات مبدئية نتطلع إلى إنجازها بأكبر قدر وخلال أقصر وقت، وهو ما سيفتح لنا في ما بعد المجال لتطوير نظام تعليم عالمي يتعامل مع كل طفل بشكل منفصل وفقاً لقدراته.

كما يتطلب دمج الأطفال من ذوي الإعاقة في المؤسسات التعليمية مساهمة فعّالة من الجهات والمؤسسات المعنية كافة، سواء كانت من موفري الأدوات المساعدة أو خبراء التعليم، بل وحتى طلاب المدراس من غير ذوي الإعاقة، حيث يبقى التحدي الأول في تعاطي المجتمع مع هؤلاء الأطفال وأفكاره وأحكامه المسبقة عن كل من هو مختلف، دون النظر إلى قدراته ودون منحه الفرصة العادلة ليكشف عن مكامن الإبداع والقوة لديه، غير مدركين أننا بذلك نسلبه حقاً من حقوقه ونضع في وجهه العقبات.

مدير عام هيئة تنمية المجتمع

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر