كل يوم

عربة التأمين قبل حصان الرسوم العلاجية!

سامي الريامي

ندرك تماماً أن الخدمات الطبية والعلاجية مكلفة جداً، وندرك أيضاً أن من المستحيل تقديمها مجاناً إلى الجميع أبد الدهر، ولا خلاف على أن تحمّل المرضى كلفة الفاتورة العلاجية في المستشفيات الحكومية، هو جزء رئيس لتمكين هذه المستشفيات من تقديم أفضل العلاجات والخدمات، لكن مع هذا كله فإنني اليوم أدعو جميع المستشفيات الحكومية إلى إعادة تنظيم هذا الجانب.

كان لابد من وضع العربة قبل الحصان، فالعربة هي تطبيق التعامل مع شركات الضمان الصحي، أو توفير هذا الضمان داخلياً في مستشفيات الهيئة والوزارة، بشكل يتيح للجميع الاشتراك فيه بمقابل مالي، ثم نأتي بحصان مطالبة المرضى بدفع الفواتير، وهذا ما لم يحدث.

«على المستشفيات أن تنظم أمورها أولاً، وتضع القوانين والتشريعات المناسبة ثانياً، وتعمل بالتعاون مع شركات التأمين الصحي لتوفير مظلة تأمينات لجميع المقيمين ثالثاً، قبل أن تطبّق الرسوم وتفرضها».

ما يحدث الآن أن جميع المرضى ومصابي الحوادث والطوارئ يدفعون الفاتورة نقداً من جيوبهم، وهذه الفاتورة تراوح ـــ حسب الحالات ـــ من 4000 أو 7000 أو 10 آلاف، إلى 100 و200 ألف درهم أو ما يزيد، فهل يتخيل مسؤولو الصحة وجود مثل هذه المبالغ عند عامة الموظفين، أو العمال، أو الفئات الوسطى التي تشكّل أغلبية المقيمين في الإمارات؟!

الأمر لا علاقة له بالجنسية، فالمواطنون والمقيمون متضررون من ذلك، صحيح أن المواطنين وجميع العاملين في الحكومة مثلاً مغطون بتأمين صحي، لكن كل مواطن لديه خدم، وسائقون، ومزارعون، وفئات مساعدة كثيرة، جميع هؤلاء يتحمل هو مسؤولية إصابة أي منهم تحت أي ظرف أو مرض، وهل هناك ضمانات بعدم تعرضهم لإصابات، أو حوادث، أو مرض؟! لذلك كل مواطن معرّض لأن يصبح بين ليلة وضحاها مطالباً بفاتورة تصل إلى 50 أو 60 ألفاً، حسب حجم الحادث أو الإصابة!

الأمر الأكثر سوءاً، هو رفض بعض المستشفيات تقديم العلاج إلى المرضى قبل دفع الفواتير، أو دفع مبالغ تقديرية مقدمة، والأكثر من ذلك إدخال الأطباء في هذا الشأن الإداري بشكل يخالف قَسَم أبقراط الطبي، الذي يحتم على الطبيب معالجة المريض بشكل إنساني، بعيداً عن أي أسباب أخرى، وهذا ينطبق على مستشفيات هيئة الصحة ووزارة الصحة!

نتفق معهم في الفكرة، لكن نختلف تماماً في طريقة وشكل وأسلوب تحصيل الفاتورة، وحتى في تفاصيل احتساب التكاليف، فمن غير المنطقي أن توضع الأسعار بعد إجراء مسوحات ومقارنتها بمستشفيات القطاع الخاص، فلا وجه للمقارنة أبداً بين مستشفيات حكومية تهدف إلى نشر الأمن الصحي، وتوفير خدمة غير مبالغ في سعرها، مع الأخذ بعين الاعتبار الدعم الحكومي المباشر في البنية التحتية والمباني، وهو ما لا يمكن أن يحصل عليه القطاع الخاص!

لن نطالب بمجانية تقديم الخدمات الطبية والعلاجية، هذا أمر لا جدال فيه، لكن على المستشفيات أن تنظم أمورها أولاً، وتضع القوانين والتشريعات المناسبة ثانياً، وتعمل بالتعاون مع شركات التأمين الصحي لتوفير مظلة تأمينات لجميع المقيمين ثالثاً، قبل أن تطبّق الرسوم وتفرضها، وتربطها بتوفير العلاج، لا يعقل ذلك، ولا يعقل ألا تقبل مستشفيات دبي مثلاً بطاقات شركات التأمين الصحي، وعوضاً عن ذلك يدفع المرضى مبالغ نقدية فورية، أحياناً لا يمكن تصديق أنها فاتورة علاج، بسبب ارتفاع سعرها!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر