‬5 دقائق

الرقية على الترقية

إيمان الهاشمي

الدرجة أم الراتب؟ الارتقاء الوظيفي أم الاجتماعي؟ الحافز المعنوي أم المادي؟ تحقيق الاعتراف بالذات أم المركز والمسمى؟ المصلحة الخاصة أم العامة؟ أم كلها مجتمعة معاً؟ إن جميع هذه الأسئلة والمزيد منها مازالت تبحث عن إجابة شافية في صدر كل موظف بمختلف درجات السلم الوظيفي، هذا بغض النظر عن تلك الأسئلة المبهمة الملقاة على عاتق التقييم السنوي، فالجميع يرى نفسه في أعلى القمة، والجميع يرى أنه هو من يستحق الأفضل، إذن من الأفضل؟

في السنوات الأخيرة شاهدنا تطوراً سريعاً وكبيراً في المجال المهني وأصبح لكل موظف ميزان دقيق لقياس أدائه بناء على بنود مهامه بحسب الدرجة الوظيفية، وبما أننا بشر فالخطأ دائماً وارد وحدوث اللبس يعتبر أمراً طبيعياً، سواء كان من تقييم الموظف لنفسه أم من تقييم الغير له، وأنا هنا لا أريد أن أوجه أصابع اللوم في وجه أي طرف، بل أتمنى إيجاد تفسير شامل لكيفية إزالة تلك الغيوم التي تعيق رؤية الصواب في كثير من الأحيان حيث مازال السؤال ذاته يدور حول نفسه وبلا محور!

إننا في خضم تقلبات العصر ومواكبة التطور والازدهار ومسايرة متطلبات الحياة الكريمة نجدنا نلهث في سباق «لقمة العيش» أو ماراثون «جري الوحوش» كلٌ بحسب تقنيات أساليبه في المنافسة، سواء بالطرق الصحيحة أم غيرها من فنون الوصول الملتوية، التي لا يعلم تفاصيلها إلا الله! ومع هذا تجدنا نتفق جميعاً من دون استثناء على أن الأقدار مكتوبة بيد الله عز وجل، وأن الرزق يوزّع على العباد بأمره تعالى، وأنه مخطوط في اللوح المحفوظ منذ نشأة الإنسان، قال سبحانه: «وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم»، و«إن الله يرزق من يشاء بغير حساب»، لكننا أيضاً نعلم جيداً بأن الله أمرنا بالتوكل لا بالتواكل عليه، وأمرنا بالسعي وراء الرزق، ونهانا عن الكسل والخمول والصمت عن الحق، كما أحب فينا المؤمن القوي، إذن ماذا نفعل؟

إنني بالفعل أبحث عن معيار واضح وحقيقي يشرح لنا متى يجب علينا الرضوخ للقدر والرضا بالمكتوب على الجبين، ومتى يجب علينا النضال في معمعة الارتقاء لاستقصاء المعوقات التي تعوق أهدافنا الوظيفية، فهل هنالك ما يحدد لنا فعلياً متى علينا التزام الصمت على حقوق أرزاقنا، ومتى يستوجب علينا النهوض للبحث عن تلك النقاط الضائعة فوق الحروف؟ فالرضا بالنصيب والتسليم للأمر الواقع حدثان إيجابيان ولابد منهما لاستمرار الحياة، لكن في الوقت نفسه نجد أن الرضا المطلق والتسليم المتواكل لا يمتان للإيجابية بصلة.

أخيراً أظن أن الأغلبية منّا يتبعون منهج «خير الأمور أوسطها»، فيجدون الحل الأمثل في ألا نصمت تماماً، وألا نحارب بشدة، بل نفعل ما هو علينا وما يمليه علينا ضميرنا المهني مع التنويه بالرضا أو عدمه بشكل صريح، ثم البحث عن مصادر أخرى لتحقيق المراد، هذا مع الإلحاح بالدعاء لنيل التوفيق والإلهام بالصبر، ومن ثم اعتماد «رش البخور» و«نثر الملح» و«الرقية على الترقية».

فهل من حل آخر؟

eman.alhashimi@hotmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر