‬5 دقائق

الخــ«دم» والخـاد«مات»

إيمان الهاشمي

إن موضوع اليوم واضح من «عنوانه»، حيث اقترنت أخيراً أبشع أنواع الجرائم المفزعة بالخدم وبشكل فاضح ومخيف، يفوق تصوّر خيال مجتمعٍ تعتبر معدلات الجرائم فيه الأكثر انخفاضاً مقارنةً بغيره من المجتمعات حول العالم، وهذه حقيقة لا تحتاج إلى إحصاءات وأدلة، بل إلى تجارب مريرة، مرَّ بها بعض أفراد المجتمع، ورغم أننا لم نتعرض لها بأنفسنا إلا أننا جميعاً خضنا معهم مرارة وألم التجربة ذاتها.

إذن ما السبب وراء كل هذا؟ وما هو الحل الأمثل؟ في وقتٍ لا يكاد يخلو فيه أي بيت من وجودهم فيه، فالحاجة إليهم أصبحت من أساسيات الحياة اليومية، خصوصاً في خضم معركة البقاء «مرتاحين»، ولكن أي راحةٍ هذه إن كانت خاتمتها دامية ومفجعة؟! وأي راحة ستكون حين نعيش في قلق دائم على حياتنا وحياة أقرب الناس إلى قلوبنا، وعلى جميع ممتلكاتنا الخاصة؟! سواء كانت مادية أو معنوية، ناهيك عن ممارسة بعضهم جميع أنواع السحر للسيطرة علينا وفرض ذاتهم وإمارتهم في بيوتنا، شيء أشبه بالاحتلال أو كأننا نربي «قنبلة» موقوتة في منازلنا، نعمل على الاستفادة من خدماتها وقدراتها على سد ثغرات انشغالنا في دورة روتين حياتنا، دون الوثوق بساعة انفجارها أو لحظة اشتعال الفتيل فيها أو التكهن بجسامة أضرارها، فبعض هؤلاء يكون قد امتلأ قلبه بالسخط والكره والحقد على الدنيا بما فيها ومن عليها، فحياته القاسية التي يعيشها جعلته لا يملك شيئاً كي يخسره!

والحقيقة أننا مهما عاشرناهم بالمعروف واعتمدنا مبدأ «وعاملهم بالتي هي أحسن»، فلابد أن يأتي ذلك اليوم الذي فيه كبشر تكون لنا تقلباتنا ومزاجنا «العكر»، فنحن نعاني لطمات الحياة القاسية أيضاً، وهنا تكمن الطامة الكبرى إذا ما حدث التصادم بين بشري حانق وبشري أذاب الحنق فؤاده! فتكون النتيجة غير عادلة في معركة غير متكافئة أبداً، يدفع ثمنها العنصر الأضعف دائماً لمجرد وجوده في دائرة التصادم، وإن لم يكن له أي دور فيه، لكن الموضوع أخطر وأكثر تعقيداً مما نتصور، لأننا على الرغم من معرفتنا بكل هذا فإننا لانزال نستبعد جميع احتمالات العيش من دونهم، مؤمنين بأننا لسنا مثل الآخرين ممن يعاملون الخدم معاملة سيئة، ومعتمدين على أننا لا نتكل عليهم في كل شيء كغيرنا من الناس، مع أن معيار الاتكال ليس ثابتاً، ومقياس المعاملة الحسنة يختلف من بيت لآخر!

لذلك أنا أقترح أن نقوم بإضافة إجراء بسيط «من نوع آخر» يتم إرفاقه مع إجراءات جلب العمالة المنزلية في الدولة من خلال الكشف الطبي الروتيني، حيث يتم تعيين طبيب نفسي أو أخصائي اجتماعي لتقييم الحالة النفسية من خلال دراسة مختصة بعلم الإجرام والميول الانحرافية وأنواع الشذوذ، وغيرها من الأمور التي يصعب فعلياً على العلم معرفتها أو تخمينها، لكنها حتماً ستحد ولو بنسبة ضئيلة من هذه الظاهرة المخيفة، وبما أن اقتراحي لا يحل المشكلة من جذورها، لذلك أود أن نوحّد تركيزنا لنجد حلاً مناسباً لجميع الأطراف.

eman.alhashimi@tra.gov.ae

تويتر