من المجالس

«سك ليف»

عادل محمد الراشد

خذي لك «سيك ليف»، سمعت إحداهن تقولها لصديقتها وهي تقترح عليها الحصول على إجازة مرضية مخرجاً للتهرب من الدوام بغرض مرافقتها في مشوار. وفي موقف آخر ندبت إحداهن حظها لعدم وجود نظام «الإجازات الإدارية» في الجهة التي تعمل فيها، ما يضطرها إلى الأخذ من رصيد إجازاتها عند الحاجة إلى التغيب عن العمل لأسباب طارئة. واستخدام ضمير «هي» هنا لا يعني أن الأمر مقتصر على النساء دون الرجال في الوظيفة العامة، لكن حقيقة الموقفين حدثت كما جاء في السرد، فالتهرب من الدوام والتماس الأعذار للتحايل على ساعات العمل سلوك يشترك فيه العديد من الذكور مع الإناث وفقاً لثقافة نمطية أعطى الكثير منا بناء عليها نفسه الحق في تحديد فهمه الخاص لحقوقه وواجباته تجاه وظيفته التي يتكسب منها.

لايزال التسرب الوظيفي يمثل مشكلة تهدر بسببها ملايين الدراهم، والتسرب لا يعني فقط التمارض أو طلب الإجازات الطارئة أو حتى الخروج من موقع العمل خلال ساعات الدوام، بل إن كثيراً من الهدر يحدث من خلف المكاتب وبحضور بدني كامل للموظف، أو الموظفة، كانت الجريدة والمجلة أداته فأصبح «بلاك بيري» و«واتس أب» و«يوتيوب» و«ماسنجر» والقائمة تطول. وهذا إرث ثقافي تراكم عبر عقود طويلة من التسيب في الوظيفة الحكومية وعدوى صدّرتها الخبرات المقبلة من دول عربية تجذرت فيها البيروقراطية المزمنة والفساد الإداري إلى درجة الغيبوبة. والواضح أن هذا الفكر يجد له امتداداً في قناعات الأجيال الناشئة التي أبدلت لسان الحال للهروب من «العربية» الى المفردات الإنجليزية، ولم تأخذ من ثقافة الإنجليز مفاهيم مثل الانضباط والالتزام والتجويد والإتقان والتفاني، وفي الوقت نفسه تناست ما أملته عليها ثقافتها الأصيلة من حلال وحرام ومراقبة لضمير.

والمشكلة في الثقافة لا يحلها إلا علاج ثقافي.

adel.m.alrashed@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر