5 دقائق

وطني الأكبر

ميره القاسم

لم تعد الأغنية الوطنية كما كانت عليه في سابق عهدها، كانت الإذاعات العربية - آنذاك - تحتفي بها، والشعوب العربية تتفاعل معها، وشكلت مساحة جيدة من الذاكرة لدى الأجيال، وبعضها لايزال حاضراً، على الأقل لدى جيلنا الذي تربى على الروح الحماسية في تلك الأغاني.

كان الشعراء يعلمون أنهم يخاطبون شعوباً تكافح من أجل مصيرها، والتي هي في الأساس شعوبهم، خصوصاً في فترات الاستعمار، وكان الملحّنون يوظّفون الجانب الكورالي في الأداء لإعطاء الصبغة الجماعية على الرسالة الشعرية الكلامية، ويستعينون بكل ما له صلة بملامسة شعور الإباء والكرامة الوطنية والعروبية.

هذا الجيل من الشعراء والملحّنين لم يعد موجوداً، لكن في المقابل ظهرت لدى الجيل الجديد عناصر عروبية أخرى في الأغنية الوطنية، وتراجعت الصورة القديمة لتلك الأغاني، لكنها عادت حين شعر الفنانون بضرورة أن يكون لهم دور في كل ما يحصل على أراضي بلدانهم، وما تعانيه الشعوب التي ينتمون إليها. أتذكرون «الحلم العربي»؟ الأغنية الوحيدة التي جاءت - رغم أنها ليست بالقوة التي كانت عليها الأغاني والأناشيد القديمة - لتتوّج هذه الرؤية، بعد وطني حبيبي، وطني الأكبر، التي كرست ولاتزال مفهوم العروبة في مختلف الأجيال.

الآن، وبظهور النماذج الجديدة، التي اختارت جانباً آخر من الأغنية الوطنية، مثل شعبان عبدالرحيم، وما أفرزته الحرب الإسرائيلية على غزة، ومن قبلها على لبنان، والآن «الربيع العربي» من استلهامات لم يكن على مستوى الحدث بالنسبة لوجود أغنية تعبّر عن الألم العربي الجمعي.

حتى جيل المستمع الجديد لم يعد يرغب في البكائيات الوطنية، ولا عاد يتحدث عن الثقل والقوة في اللحن، بل صار يبحث عن حلمه هو فقط، في ظل الظروف المستجدة في العلاقات العالمية الاستعمارية للشعوب العربية والإسلامية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا ينقصنا لتظهر لنا ملحمة في حجم «وطني الأكبر»؟ يبدو أنه حلم لن يتحقق!

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها .

تويتر