أبواب

أسرار النقد السينمائي

قيس الزبيدي

رغم أن الدكتور وليد سيف كاتب سيناريو وناقد سينمائي، إلا أنه كما يبدو من نشاطاته المختلفة شخصية «شمولية»، فهو باحث ومستشار إعلامي وأستاذ للنقد السينمائي، وسبق له أن تولى مناصب سينمائية منها مدير مهرجان جمعية الفيلم ورئيس قصر السينما، وحصل على الدكتوراه في النقد السينمائي من أكاديمية العلوم الروسية العريقة عام .1998 وصدر له الآن كتاب «أسرار النقد السينمائي» في سلسلة آفاق السينما عن الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية. والكتاب يتصدى لأمور نظرية خالصة تتعلق بتحديد مفهوم النقد الفني عموماً، والتعريف ببعض مدارسه ويتناول النقد السينمائي والتعرف إلى جوانب أصوله وخصائصه، إضافة إلى إلقاء الضوء على فنون الدراما الأخرى والتعرض إلى علاقة السينما بفلسفة ما بعد الحداثة.

يرتبط ظهور النقد السينمائي بتاريخ السينما، وكان الناقد الإيطالي ريتشيوتو كانودو هو من أطلق تسمية الفن السابع على السينما التي اكتشف أنها تضم الفنون الستة الأخرى، وأنها الفن التشكيلي في حركة. ويرتبط أصل كلمة «نقد» في اللغة العربية بالمعنى المالي وتُعرف العربية النقد بأنه تمييز الدراهم الصحيحة وإخراج المزيف منها. وتعني عبارة «نَقدَه نقداً»، أي أعطاه فانتقَدها، أيْ قبضها. وفي المعجم الوجيز نقرأ أن معنى النقد هو بيان أوجه الحسن وأوجه العيب في شيء من الأشياء بعد فحصه ودراسته. وقد استعمل العرب القدامى مفردة النقد أيضاً وفقاً لهذين المعنيين، وأخذت المفردة معناها الاصطلاحي مع بداية العصر العباسي الذي بدأ النقد، حينئذٍ، يؤسس لقواعده «العلمية».

ويعود أصل المفردة التي تعني الحكم الى اليونانية: «فن الشعر» لأرسطو والى اللاتينية: «فن الشعر» لهوراس، الذي أقام وظيفة نظرية الفن وأسندها الى نظرية ذات أضلاع ثلاثة هي: القيمة النفعية، والقيمة الجمالية، والقيمة النفعية الجمالية.

وتُعرف دائرة المعارف البريطانية النقد الفني بأنه المناقشة المنطقية والمنظمة لمادة الفن وتفسيرها وتقويمها باتجاه بناء أواصر تربط العمل الفني بالجمهور المتلقي. وقد أصبح النقاد اليوم في عصر ثورة الاتصالات يمارسون دوراً مهماً في عملية لفت الأنظار إلى قيمة العمل الفني ورفع قدرة الناس على تذوقه بصورة أفضل.

ينطلق المؤلف من تعدد وجهات النظر حول مفهوم النقد الفني عامة، والنقد السينمائي خصوصاً، واختلاف النقاد تبعاً لاختلاف العلوم والفنون والمناهج التي أفادوا منها في دراستهم، وفي تكوين ثقافتهم، ويتطرق الى ضرورة الحاجة الى تعريفات حديثة للنقد الفني، في ظل التغييرات الحاصلة في المدارس الفنية الحديثة، وما صاحبها من غموض وتعقيد.

يتألف الكتاب من فصول ثمانية حول مفهوم النقد الفني ومدارسه والنقد السينمائي وتحليل الأفلام، وعن سينما ما بعد الحداثة وحول علاقة النقد بفنون الدراما. وقد تزامن إعداد الكتاب مع مرحلة ثورة 25 يناير، ما دفع المؤلف ليخصص الفصل الأخير عن مستقبل النقد السينمائي في مصر، منطلقاً من أن النقد بمعناه العام لا يفيد الثورة، إلا إذا استفاد النقد نفسه من المناخ الاجتماعي والديمقراطي الذي ولدته الثورة.

ميزة الكتاب المهمة أن مؤلفه يجعل منه ندوة للحوار، فهو لا يضع الأحكام، إنما يتحاور أثناء ما يعرض، ويُحاوِر أثناء ما يَستَشهد، ويُفسر أثناء ما يحفز القارئ من أجل معرفة أكثر.

alzubaidi0@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر