وجهة نظر

«ميسي» نموذج لاعب محترف

حسين الشيباني

لاعب من كوكب آخر، أبدع بمهاراته الرائعة وحطم أرقاماً قياسية على جميع المستويات الشخصية، حتى أصبح اللاعب المعجزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويكفي أن يقول عنه اللاعب القادم بقوة، البرازيلي نيمار: «مستحيل ايقاف خطورة ميسي».

ليوينل ميسي أصبح شعار مدينة برشلونة، وزرع في العاصمة الكتالونية نشاطاً وحيوية وشهرة عالمية ووجهة سياحية لمعظم سياح العالم.

ضحى بكل شيء من أجل أن يكون افضل لاعب في العالم، فقد ترك عائلته في الارجنتين وهو في سن صغيرة ليبدأ حياة جديدة في الخارج، ورفض كل دعوات السهر والحفلات، ويشعر بالعذاب كلما خسر مباراة، ومستعد للعب الكرة مجاناً، وأكثر ما يثير ذعر مدافعي الخصم هو اعترافه بأنه لم يصل إلى قمة أدائه بعد.

ميسي، ليس فقط أفضل لاعب على وجه الكرة الارضية، وحاصد ثلاث كرات ذهبية على التوالي، والأعلى أجراً في العالم (30 مليون يورو سنوياً)، بل هو صاحب تضحيات كثيرة، ويقول ميسي عن نفسه: «أردت دوماً اللعب باحتراف، وأدركت أنه من أجل الوصول إلى هذا الهدف عليّ القيام بتضحيات كبيرة، تركت بلادي وأسرتي، وغيّرت أصدقائي وناسي وكل شيء، لكن كل ما فعلته من أجل الكرة ومن أجل تحقيق حلمي، حرمت نفسي الخروج إلى الحفلات وأشياء كثيرة، حتى عندما كنت صغير السن كنت أرفض التنزه مع أصدقائي كي لا يضيع وقت التمرينات، ومنذ ذلك الحين لم يتغير الكثير في حياتي».

إخلاصه وتضحياته لم يذهبا سدى، فقد حصد لقب اوروبا ثلاث مرات، ولقبي كأس عالم الأندية مرتين، وكأس السوبر مرتين، وكأس الملك، وخمسة ألقاب في كأس السوبر الإسبانية، إضافة إلى الكثير من الجوائز الفردية، فانظر إلى طموح اللاعب عندما يقول إنني لاأزال بحاجة إلى التطور، ويقول: «تطورت ونضجت عاماً بعد عام، كنت محظوظاً للبدء بلعب الكرة في سن صغيرة، واللعب بجوار زملاء رائعين، لكنني حتى الآن أعتقد أن هناك جوانب من أدائي بحاجة إلى التطوير، ولن أتوقف يوماً عن التعلم. لن أقول يوماً إنني لاعب كامل، حتى لو اعتزلت اللعب، لأن اللاعب كلما تقدم في العمر تراكمت خبراته».

ويقول ميسي عن المال: «المال لا يشكل حافزاً للعب، ولو لم يدفع لي أحد المال لكوني لاعباً محترفاً للعبت الكرة مجاناً»، ويقول عند الخسارة: «أشعر بالخيبة كثيراً عندما أخسر، ولا أحب التكلم مع أحد، بل انسحب الى داخل نفسي، وأعيد المباراة في ذهني، وأبحث عن مكامن الخطأ واسباب الهزيمة، وأحياناً تكون الخسارة عذاباً»، ويقول أيضاً عن أدائه في المباريات: «ألعب بالوتيرة نفسها، سواء كانت مباراة ودية أو من أجل حصد النقاط أو مباراة نهائية، وألعب من أجلي ومن أجل الفريق ومن أجل الجمهور، وأحاول الفوز، ليس بمقدوري تغيير ادائي، لانني أريد دوماً الفوز بالمباريات تحت اي ظرف».

دروس مجانية من الاسطورة (ميسي) للاعبينا لكي نتعلم معنى الاحتراف الحقيقي، وليس الاحتراف الوهمي الذي يعيشه لاعبونا، فهمهم المال أولاً، فهو الحافز الاول لكي يلعبوا كرة القدم، وعند الخسارة لا تشعر بأنهم خسروا مباراة أو أنهم يبحثون عن أسباب الخسارة، بل يركبون سياراتهم لكي لا يتأخروا عن موعد السهر والحفلات.

ويجب أن يدرس منهج ميسي، داخل الملعب، وبرنامج حياته خارج الملعب، وهو الأهم للاعبينا، الكبير قبل الصغير، في أنديتنا. ويقول المثل «الجندي الذي لا يحلم بأن يصير جنرالاً هو جندي خامل».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر