5 دقائق

حرامية «Grade3»

ميره القاسم

يومياً على تلك الطاولة المستديرة أضع أنا وطفلي كتباً ضخمة تستلقي بأناقة تعود إلى مرحلة الصف الثالث الابتدائي، أو كما نقول جميعاً «جريد 3»، وأسرح حزينة في تفاصيل وجه ابني الصغير الممتعض من كمية الواجبات والحفظ وأعود لأنظر داخل المناهج مرة أخرى حتى أتأكد أننا مازلنا في اللحظة نفسها، ومازال هو في الصف الثالث، وتلك الكتب ليست لمنهج أكاديمية عالية.

اليوم الثاني: يتكرر المشهد مع إضافة نظرة زوجي المؤكدة عدم اقتناعه بطريقة تدريسي التي يعتبرها بدائية منفّرة، وهو أي «رَيْلي » ما يقصّر في إبداء الملاحظات والمواعظ كلما سنحت له فرصة اقتناص مشهد تدريسي لابني، وحتى إن لم تسنح له الفرصة فهو دائماً يرمقني بنظرة يولّيها لطفلنا مشفقاً عليه من المناهج والواجبات المكثفة، ومن النموذج التعليمي في دولتنا وطريقة تدريس معلمة الفصل، وعن كيفية التأكد من وصول المعرفة والمعلومة بالحد الأدنى إلى الأطفال،على الرغم من تفاوت قدرات الفهم عندهم في الفصل الواحد، «ويلوموننا في الاستعانة بمدرس خصوصي!».

كل يوم أمارس المهمة نفسها أفترش الكتب، وأبدأ بالبحث في دفتر الملاحظات عن الواجبات المنزلية من حفظ وتمارين يجب أن يسلمّها في اليوم التالي، ويمر الوقت من دون أن يصطاد لحظة فرح يرفه بها عن عقله الذي احتشد بكم من المعلومات، ليذهب بعدها إلى فراشه وأحياناً كثيرة من دون عشاء.

وأثقل يوم ذلك الذي يُطلَب منه عمل «بروجكت»، وما أدراك ما «البروجكت» لطالب في المرحلة الابتدائية، وذلك يجعلني أتساءل لماذا يُقرّون على آباء الطلبة واجباً منزلياً «والاّ هم مصدقين إن الطلبة اللي يسونه»؟!

وأتساءل لماذا لا يكلّفون الطلبة بعمل ذلك «البروجكت» أثناء وجودهم في الفصل، ويتم تقسيمهم إلى مجموعات عمل يكون لكل طفل دوره، وبذلك تكون تلك الطريقة تفاعلية.

«طيّب.. لما ولدك يرّد من المدرسة الساعة الثالثة والنصف، وعلى القاطنين خارج المدن مراعاة فروق المرور، يدخل البيت وعنده كم من الواجبات التي يجب أن تُسَلم في اليوم التالي، عدا ملاحقته عند الثامنة ليذهب إلى النوم حتى يستيقظ باكراً هذا إذا لحق يغسل ضروسه.. ببساطة أبغيه يلعب ويكبر وينمو بشكل طبيعي، أن يكون له أصدقاء.. وهوايات يستطيع ممارستها بشكل مستمر يجد لها الوقت، لا أريد أن ينحصر كل ما سبق في (البلاي ستيشن والبي اس بي) وأن يعيش العوالم الافتراضية».

ما يتعرض إليه طفلي كفرد داخل هذا النظام التعليمي الحديث يدفعني بعض الأحيان إلى التفكير في ماذا لو أنهم ينتهون من اليوم الدراسي في الخامسة والنصف، أي تطبيق اليوم الكامل للطلبة على أن ينتهي طفلي وأقرانه من كل فروضهم وواجباتهم المدرسية و«بروجكتاتهم» ويعودون سالمين ليمارسوا دورهم الطبيعي كأطفال، لا سرقة طفولتهم، من حقهم اللعب والمرح كثيراً كبقية الأطفال في الدول الأخرى.

wahag2002@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر