مزاح.. ورماح

«الدوبي»

عبدالله الشويخ

كلما فتحت جيوش (دوائر التخطيط والمساحة) منطقة جديدة في إحدى إمارات الدولة، وبدأ زحف السكان إليها ومد البنى التحتية، تبدأ الاعتراضات مباشرة، فالسكان الجدد «الكاوبوي» يريدون مولوداً بأسنان وذا شعر طويل، ويحفظ 10 من المعلقات السبع، على أن الاعتراضات تختلف من شريحة إلى أخرى، فالمطاوعة عادة ما يطالبون بإنشاء مسجد في الفريج، حتى ولو كان هناك بيتان فقط، وربات البيوت يطالبن بـ«كارفور»، والشباب يطالبون بملعب وحديقة، والنكديون يطالبون بمقبرة.. وهلم جرا، والضحية الأولى والأخيرة هم الجنود المختفون في كواليس برامج البث المباشر.

الخدمة الوحيدة التي لا يطلبها أحد هي «الدوبي» أو «المكوجي»، على حسب الرواية الزلمكية للمصطلح، فبمجرد إنشاء أي بيت جديد ولو كان على رأس جبل تجد أن هناك «دوبي» قد فتح مباشرة، في كراج، في ملحق المسجد، في بقايا سيارة، على قارعة الطريق، لا يهم المهم أن «الفريج» لا يستقيم من دون «دوبي»، فـ«الدوبي» أصبح ضرورة من ضرورات الحياة، ولا تستغرب أن تحصل في المستقبل على فاتورة «كهرباء، مياه، خدمات بلدية، دوبي»، بعد أن تتم «حوكمة» هذه الخدمة.

في العادة أعرف موقعي الاجتماعي بسبب الغتر التي أعطيها للدوبي، فلدى كل «دوبي» تلك الطريقة بالتوقيع على أحد أطراف الغترة بالقلم «الفلوماستر» الأسود، لتمييزها عن غتر بقية سكان «الفريج»، وعندما تعود إلي «مكوية» أقرأ تلك الزوايا، فعندما تكون كلمة تمييزها «عبود» أعرف أن أسهمي «هابطة» في «الفريج»، وعندما تكون «أ.عبدالله» أرى أن الاتجاه العام يحمل لي بعض الاحترام، ذات مرة رأيت الزاوية تحمل اسم «عبدالله بلدية»، فعلمت بأن أخبار التعيينات تصل إلى «الدوبي» ربما قبلي أنا، عبارة «عبدالله مال جريدة» لم تعجبني، فهي طويلة، وتأخذ نصف مساحة الغترة الصغيرة التي أحب ارتداءها «مقاس 52»، ويبدو أن الأمر من تقاليدنا الموروثة، هل تذكر ذلك الوشم على ذقن جدتك، رحمها الله، لا أعلم لمَ لا يكتفي «الدوبي» بالخطوط الثلاثة، تخيل أن ذقنها كان يحمل جملة «قماشة بنت عجلان»!

سؤال أفكر فيه كلما ضربت «هرن» لاستعادة ثيابي «المكوية»، ماذا يفعل «الدوبي» بالثياب التي غادرنا أصحابها بلا عودة ؟!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر